من المفارقات العجيبة والمحزنة فى نفس الوقت، أن أسوأ ما أصاب الإسلام جاء من المسلمين أنفسهم، بل الأكثر تمسكًا بالدين الصحيح، كما يدعون، فوجوه مثل طالبان فى أفغانستان أو القاعدة فى الجزيرة العربية أو الجماعة الإسلامية المقاتلة فى ليبيا أو جماعة دولة العراق الإسلامية أو حركة أحرار الشام الإسلامية (حاشا) أو الحركة الجهادية فى الجزائر أو حماس فى فلسطين أو الجهاديين فى سيناء أو تنظيم الإخوان الإرهابى فى مصر أو داعش فى العراق وسوريا.. كل هذه الوجوه النكراء الكئيبة شوهت الإسلام ووصمته بدين الدم والإرهاب أمام العالم كله، وبررت للضمير العالمى فكرة القضاء على الإسلام وإبادة المسلمين. وأتصور أن هول المشكلة وضخامتها يمنعنا من الاعتراف بها أو التفكير فيها، فلقد استغرقنا عشرات الأعوام ونحن نتجادل، هل نواجه مؤامرة؟ لنكتشف أننا على المقصلة، وأن العالم لا يشعر حتى بتأنيب الضمير وهو يقضى علينا، فلقد أصبحنا (بعبع) الحضارة ومصاصى دمائها، ويكفى أن تكتب كلمة (الإسلام) بأى لغة أجنبية على محركات البحث جوجل أو ياهو وتشاهد الصور، فما بالك لو كتبت داعش أو القاعدة أو التيارات الجهادية، وسواء كانت صور التمثيل بالجثث وقطع الرقاب وشرب الدماء فوتو شوب أو تمثيلا، فإن العالم كله صدقها، والأعجب أن الإعلام العربى كان له السبق فى نشرها وترويجها وترويع الخلق بها، لذلك طالما قلت إن مشكلة الإعلام ليست فى فساده بل فى غبائه، وإن كنا نمر بنكسة ترغمنا جميعا على الاعتراف بالغباء على أقل تقدير، فلقد كنا الأكثر ترويجا لقصص الإرهاب وجماعات الدم الإسلامية حتى فى حواراتنا الشخصية وتعليقاتنا فى مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعى، رغم أن معظمنا كان يدرك وجود جانب تمثيلى وسينمائى كبير فى قصصهم وقدراتهم الإرهابية أو أنهم مجرد عملاء تم تجنيدهم وزرعهم لفترات طويلة ليكونوا مبررا أمام العالم للفتك بنا، سواء كانوا هذا أو ذاك أو كليهما فإن اعترافنا اللحوح بهم والتنديد بأفعالهم بهدف التطهر جعل العالم يصدق هذه الأكاذيب والخدع ويمنح حكامه وحكوماته الحق فى استخدام أموال دافعى الضرائب لإبادتنا والقضاء على أفكارنا وديننا وكأننا حضارة منبوذة.. أكتب هذه الكلمات والعالم يجمع قواه الآن للانقضاض على داعش.. فهل يحارب الغرب الإسلام أم داعش؟.. وللحديث بقية.