منذ زمن الرئيس بوش (الكبير) حددت أمريكا فى تقرير سرى طموحاتها لتفكيك مساحة كبيرة من العالم تمتد من المغرب حتى مصر حتى تركيا ثم إيران ثم تخوم الاتحاد السوفيتى حتى الحدود الهندية ثم الصينية كل هذه المساحة رسمت على خرائط تقرير سرى أمريكى بهدف تفكيكها فى خطة الفوضى الخلاقة، وتقرر اتخاذ عدو «مفترض» تتجمع ضده التحالفات والصراعات والحملات الإعلامية مقابل صديق مفترض يبقى كامنا حتى تقدم له مساندات مالية وقتالية. وترتكز الخطة البالغة التعقيد على قيام خلافة شكلية كتلك التى وجدت فى نهايات العصر العباسى وخليفة «اسير» يدعى له على منابر بغداد بينما تتبعثر أرض دولة الخلافة إلى دويلات طائفية وعرقية وجهوية وعقائدية تتصارع ويكفر بعضها بعضا ولكل «شظية» منها أمير أو خليفة وجيش يخوض حروبا مجهضة وتذوب الأوطان فى صراعات غبية لا تنتهى.
وليس هذا التقرير خيالا أو هاجسا لكنه مكتوب ومختوم بخاتم سرى جدا ويجرى عرضه دوما على كل رئيس لأمريكا. لكن التقرير/ الخطة جرى تنفيذه بدهاء عبر تركيز الأنظار على تنظيم «القاعدة» باعتباره الخطر الداهم والعدو بينما جرى خلق المناخ لنمو البديل المطلوب. فى العراق ثم سوريا وحيث السنة مضطهدون جرى دعم تشكيلات سنية مسلحة. وكلما كان التنظيم متشددا ومتوحشا كلما كانت المساعدات والتمويل والتسليح متدفقة. وهذه المقدمة تأتى بمناسبة دراسة عن هذا المخطط المتواصل نشرتها مجلة «جيوبوليتكس» (3 يوليو 2014) تحت عنوان «الدولة الإسلامية- مشروع الخلافة- الحرب العالمية ضد الإرهاب» وتكشف الدراسة عن مساعدات هائلة للمتأسلمين السنة فى العراق وفى سوريا قدمتها أمريكا والناتو وتركيا (اردوغان). وتماما كما حدث عندنا وتعلق خصوم السيسى من فصائل مختلفة ولأسباب مختلفة بالإخوان الإرهابية، تعلق قادة جيش صدام والحركة النقشبندية (السنية التى كانت معتدلة طوال تاريخها) بوهم خلافة سنية معادية لظلم حكم الشيعة، وكما جاءت الخلافة العباسية على رماح فارسية أتت خلافة داعش على رماح بعثية ونقشبندية وتركية ومعها رماح أمريكية. وتمزق العراق إلى ثلاث ولايات، بل إن أردوغان إذ هاجمه خصومه بسبب هجومه على مصر وليس إسرائيل صاح «أجدادنا وصلوا حتى اليمن والأندلس» ويعيش وهم الخلافة عند أكثر من مجنون. وسرعان ما اكتشف الباحثون والسياسيون أن «القاعدة» وهى إرهابية فعلا لكن تآكلت قوتها كانت «خيال مآته» حتى تنمو الخلافة العميلة المطلوبة. وتكشف الدراسة أن التقرير أضيفت إليه فى ديسمبر 2004 دراسة جانبية فى 123 صفحة تقول «فى 2020 سوف يظهر حفيد بن لادن ليعلن خلافة تمتد من شرق المتوسط وحتى جنوب غرب آسيا مهددة القيم الديمقراطية الغربية» وكان التقرير والملحق يوزعان على المؤسسات الاستخباراتية لدول الناتو لتأكيد «خيال المآتة» حتى نضجت داعش وتمددت فى العراق وسوريا ولبنان وأعلنت دولة الخلافة التى أرادتها أمريكا. وأظهرت داعش أنيابها. والمهم أن الدراسة أتت بصورة غلاف نشره «النبأ» التى تضم «العمليات العسكرية للدولة الإسلامية فى عام 1434هـ. وثمة رسم بيانى يحدد بالأرقام كل نوع من العمليات العسكرية ومجموعها 7681. ويكتشف حلفاء أمريكا كم الخداع فيفضحون التقرير. ويعودون إلى البدايات عندما ظهرت النظرية الفاسدة «لصراع الحضارات» التى بررت كما قال ديك تشينى حق أمريكا فى التدخل فى أى مكان دفاعا عن الحضارة الغربية. والآن هل اتضحت الرؤية؟.
يخرج محافظون من الملعب دون أن يخبرنا أحد لماذا دخل هذا وخرج ذاك؟ فى الوقت الذى ينص فيه قانون كرة القدم على الإعلان أمام الجماهير بصفارة الحكم على أسباب الكارت الأحمر لأى لاعب