فوجئت الولايات المتحدة، كما هو معلن، بتنظيم «داعش»، وفوجئت تبعاً لها المجتمعات والدول الغربية، والمحير أن بعضنا هنا فوجئ هو الآخر، وانطلق التساؤل القلق.. هل فى مصر وجود لخلايا «داعش»؟ وراح من يؤكد وجود مثل هذه الخلايا، بينما هناك من استبعد ذلك.
الداعشيون تنظيم يحمل مجموعة أفكار، هى على وجه القطع مأخوذة من بعض رسائل وتوجيهات حسن البنا ومن كتب وأفكار سيد قطب، ومن يصب بالدهشة ويفغر فاه من «قطع الرؤوس» الذى يمارسه «داعش»، يجب أن يتذكر مقتل المستشار أحمد الخازندار، حيث قتل جهاراً نهاراً فى الشارع بحلوان على بعد أمتار من منزله بطريقة أبشع من تلك التى يمارسها الداعشيون، وإذا كنا نسينا فلنتذكر كيف قتل فضيلة الشيخ الذهبى فى صيف سنة 1977، وبالمناسبة لم يكن الشيخ الذهبى ليبرالياً ولا علمانياً ولم يكن مسيحياً ولا إيزيدياً، كان من كبار علماء الأزهر وكان أكثر علماء عصره تخصصاً فى علم تفسير القرآن الكريم، ومن يرجع إلى الأرشيف الصحفى ويتأمل صور جثة الرجل التى عثر عليها، سوف يكتشف أن الداعشيين لم يخرجوا من فراغ.
الداعشيون يحملون الأفكار التى نشرها الثنائى حسن البنا وسيد قطب، والتى عمل تلاميذهما وحواريوهما على نشرها فى العالم الإسلامى كله، كانوا يصطدمون بوجود الدولة وأجهزتها الأمنية والقضائية تتصدى لهم وتردعهم. حدث هذا فى مصر وفى غيرها من الدول العربية والإسلامية، لكن الأمر فى العراق اختلف، حيث سقطت الدولة سنة 2003 ولم تقم لها قائمة إلى اليوم، وسقط معها الجيش العراقى وكذلك الشرطة العراقية، وعلى يد نورى المالكى ازداد سقوط الدولة، حيث تحولت إلى مجموعة من الميليشيات الطائفية. المالكى نفسه كان طائفياً بامتياز، وأجبر على ترك السلطة، وفى سوريا أيضاً تترنح الدولة، فوجدنا التمدد الداعشى وبرزت صورتهم واضحة وناصعة بلا ترويض وبلا مكياج.
قبل تمدد «داعش» فى العراق، كانت هناك بروفة لها فى «مالى» وارتكبوا الجرائم نفسها، لكن تدخلت القوات الفرنسية للحد مما يقومون به، وفى «نيجيريا» توجد جماعة «بوكوحرام» التى خطفت حوالى 300 فتاة من المدرسة، وأعلنت الجماعة أنها ستبيع الفتيات «السبايا» وأن سعر الفتاة يتراوح ما بين 12 و15 دولاراً.
وفى مصرنا الحبيبة، هل تختلف مذبحة كرداسة، التى وقعت قبل عام وكذلك مذبحة أسوان وغيرهما مما جرى فى مدن الصعيد، عما يقوم به «داعش»، هل هو أقل عدوانية وبشاعة؟!
ولنا أن نتخيل الأمر، خلال العام الأسود من حكم جماعة إخوان هولاكو: ماذا لو كانت الساحة خالية أمامهم ولم يكن هناك الجيش المصرى ولا القضاء ولا الإعلام ولا جهاز الأمن، أو ما أطلق عليه وقتها مؤسسات الدولة العميقة؟ الأمر المؤكد أن الرؤوس كانت ستتطاير فى الشوارع.
فى مدينة الموصل، عبر دبلوماسى سابق «مسيحى» عن حزنه ليس فقط لأنه ترك مدينته ومسكنه وممتلكاته ولن يعود إليها ثانية، ولكن لأن شاباً أفغانياً مسلماً يتكلم العربية بركاكة قال له وهو يغادر مدينته «إن الموصل لن يبقى بها كافر بعد اليوم»، مثل هذا المسلح الأفغانى كان يمكن أن يكون بيننا، استقدم محمد مرسى عشرات مثله إلى سيناء وهدد خيرت الشاطر، وزير الدفاع، بأن هناك آلافاً سوف يأتون ولن يستطيع أحد التحكم فى تصرفاتهم «جرائمهم».
فى الريف المصرى علمنا الآباء والأجداد أن أحمد لا يختلف عن «الحاج أحمد».. وبالمثل «داعش» لا يختلف عن «التكفير والهجرة» ولا.. ولا.. وهم جميعاً فروع وثمار سامة لشجرة خبيثة اسمها جماعة الإخوان.