كلنا سنذهب إلى استفتاء الدستور، ونحن على يقين بأن النتيجة ستكون نعم. وكلنا فى انتظار ترشح الفريق عبد الفتاح السيسى لنقول نعم. وبعدها سننزل إلى انتخابات مجلس الشعب لنقول لمن نؤيده نعم. ولكن هل بذلك تكتمل خارطة الطريق، وندخل إلى المستقبل المضىء. أشك.. فهذه كلها نتائج متأخرة لثورة مر عليها ثلاث سنوات كان هدفها الأصلى تطبيق دستور يضمن حقوق الجميع، وانتخاب رئيس يتفق عليه الشعب، وتكوين برلمان يعبر عن كل الطوائف والفئات.
ولكن هل يعقل أن نحقق كل ذلك ونستمر فى الاقتراض والاستدانة من دول العالم الكبيرة والصغيرة، العربية والأجنبية لكى نشترى الرغيف ونوفر البنزين ونبنى المستشفيات أم إننا فى حاجة ماسة لمن يخطط لنا خارطة للطريق الاقتصادى، ويرسم لنا خطط التنمية والاستثمار ويروج لها إعلاميا وفكريا وتعليميا، ويدعو الشعب لتنفيذها والالتزام بخطواتها، وتحمل الصعوبات والتقشف بهدف الوصول إلى نمو ورخاء دائم، لا يرتبط بقرض ولا يحتاج لمعونة أو لمنحة. أتصور أنه مازال أمامنا رحلة اقتصادية طويلة أرجو أن نهتم بها وبالدعاية والترويج لها كما فعلنا مع الدستور. ثم هل يمكن أن نقوم بتلك الخطوات المصيرية ويختار الشعب دستوره وبرلمانه ورئيسه، ثم نعود إلى أزمنة الفساد والمحسوبية والكوسة والباذنجان الأسود، أم أننا فى حاجة حقيقية لتنظيف مؤسسات الدولة و(بلاليعها العميقة) لوقف الفساد ونظام (خذ وهات)، وإعادة المفاهيم الغائبة إلى دولاب العمل المصرى مثل الشرف والكفاءة والالتزام والتفانى فى العمل. ألم يحن الوقت لعمل ورسم خريطة للإصلاح التربوى والتعليمى والثقافى بعد أزمنة طويلة قضيناها فى الظلام، فأصبح نصفنا لصوصا، والنصف الثانى يشجعهم على ذلك. وهل يجدى الإصلاح السياسى لو استمر الشارع المصرى فى عشوائيته وعنفه ولامبالاته والفوضوية التى أصبحت سمة لا يمكن تجاهلها فى حياتنا اليومية. أم إننا فى حاجة لوضع أسس أخلاقية وعقد اجتماعى جديد نستطيع من خلاله بناء دولة مدنية حديثة بدلا من الغابة المفتوحة التى نعيش فيها الآن. وجب علينا الشكر والحمد لله، لأننا بدأنا فى طريق الإصلاح السياسى، ولكن علينا أن نستمر فى الدعاء بأن يكمل نعمته علينا فى باقى الطرق، لأننا وبصدق تائهون ضائعون مساكين يا روحى.