تصور البعض من هواة الصيد فى الماء العكر أننى قد تخليت عن تأييدى للرئيس السيسى، لمجرد أنى أبديت بعض الملاحظات على رؤيته فى معالجة أزمتنا الاقتصادية، والتى رأيته فيها منحازاً للأغنياء والموسرين على حساب الفقراء والمهمّشين، على عكس ما كان قد وعدنا به. والحقيقة أنها كانت مجرد ملاحظات لم ترق لمستوى النقد فما بالك بالهجوم الذى يتصور هؤلاء أننى وجهته فى مقال لى إلى الرئيس الذى كنت – ولا أزال – واحداً من ملايين وضعت ثقتها الكاملة فيه، وعقدت عليه الآمال الكبيرة للخروج بالوطن من أزماته الطاحنة. راح هؤلاء يهللون ويكبرون متخذين مما أبديته من آراء دليلاً على تراجع شعبية الرجل وبداية لانصراف مؤيديه عنه، فأعطونى بذلك أكثر مما أستحق، كما أعطوا للرئيس أقل مما ينبغى، فلست أنا- العبد الفقير إلى الله- بالذى يمكن أن يؤثر على ملايين التفّت حوله، وليس هو – بما لديه من رصيد لدى مؤيديه – بالذى يتأثر بما قلته. والحقيقة أننى مازلت فى مكانى منه، ولايزال هو فى مكانته عندى. هذا المكان وتلك المكانة اللذان لا أراهما يقفان حائلاً دون ممارسة حقى، بل واجبى فى معاتبته عتب المحبين، الذين يتمنون له النجاح فى مهمته الصعبة التى كلفناه بها لقيادة سفينة الوطن وسط أنواء عاتية كانت ولاتزال تهددنا جميعاً بالغرق، فمن باب الإخلاص المشوب بالمحبة خاطبته منطلقاً من الشعور بالمسؤولية الوطنية التى تستوجب من كل وطنى غيور أن يشارك برأيه فى بناء الوطن، محذراً من سوء التقدير أو إساءة الفهم رغم توفر كل النوايا الحسنة. لا شك أن الأصل فى المشكلة يكمن فى أن هؤلاء لا يرون فرقاً بين المبايعة والبيع، فالمبايعة تعنى المشاركة فى المسؤولية، أما البيع فيعنى التنازل له والتخلى عنها. وقد بايعنا السيسى لحمل المسؤولية ولم نتنازل له عن حقنا فى مشاركته. المبايعة تعنى «التوافق» شرطاً، أما البيع فيعنى «الموافقة» دوماً. هناك فرق بين التوافق الذى يعنى دوام المشاركة. والموافقة التى تعنى التسليم والتنازل. يا أيها الذين فى قلوبهم مرض، وفى آذانهم وقر: مازلت – وسأبقى – على عهدى معه، محباً ومخلصاً، مختلفاً لا مخالفاً، ومراجعاً لا متراجعاً.. شاهت وجوهكم وأرغم الله معاطسكم!!