لا أعرف ما إذا كان المشير السيسى يدرك طبيعة المؤامرة التى يحيكها البعض له أم لا.. فمنذ 30 يونيو وحتى الآن أصبح السيسى فى صدارة المشهد السياسى فى مصر ليحمله الشعب مسؤولية كل ما يحدث فى البلاد إن كان حقاً أو باطلاً. صحيحا أو خطأً. فهو الرجل الذى كان العامل الأهم فى إزاحة الإخوان من الطريق، فكان عليه أن يتحمل مسؤولية كل ما ترتب على ذلك من نتائج رغم وجوده فى درجة أدنى بسلم المسؤوليات بالدولة. فهو ليس رئيس الدولة أو حتى رئيس الحكومة. فإذا وقع الظلم على أحد فالسيسى هو المسؤول عن الظلم وهو المسؤول عن رفعه. إذا فصل موظف عن عمله أو انقطع التيار الكهربائى. أو حدث اختناق مرورى. أو حتى إذا تعارك رجل مع زوجته. أصبح السيسى هو المسؤول. فهو رب العائلة الذى أجمع المصريون عليه بالاختيار. فكان طبيعياً أن يدخل عليه خصومه وأعداؤه من هذا الباب. ليسيئوا إليه. فأكثروا من اعتقال الأبرياء وتعذيبهم. ونكلوا بعدد من موظفى الدولة الشرفاء. وفصلوا آخرين من القضاة بتهمة الاشتغال بالسياسة أو الانتماء للإخوان. ومنهم قضاة أجلاء مشهودُ لهم بالنزاهة والوطنية مثل المستشار زكريا عبدالعزيز الذى أحيل إلى الصلاحية وهو قامة قانونية ووطنية مشهودة..
أو الدكتور أحمد يحيى وهو من القضاة الأكفاء. وزميله الدكتور أيمن الوردانى الذى كان قد تقدم بشكوى ضد لجنة الانتخابات عام 2010 شاهداً على تزويرها لصالح مرشحى الحزب الوطنى فلم يجرؤ وزير العدل وقتها على إحالته للتحقيق. ولكن وزير عدل «الثورة» هو الذى جرؤَ على ذلك، والغريب أن يتولى التحقيق معه المستشار الذى كان مشكواً فى حقه بالتزوير حين كان يتولى أمين لجنة الانتخابات عام 2010 ليدفع الوردانى ثمن نزاهته بأثر رجعى. والأغرب أن مذبحة القضاة التى تجرى الآن لا تجرى بحق قضاة متهمين بالفساد حسبما جاء على لسان رئيس الجهاز المركزى للمحسابات. ولكنها تجرى لبعض القضاة المتهمين بالنزاهة والوطنية. هكذا يستغل خصوم السيسى وكارهوه التصرفات غير المسؤولة لبعض المسؤولين بالدولة. بالإضافة إلى سلبيات الشرطة والقضاة وبعض مظاهر الفساد الضارب فى أعماق الدولة الآن لإلصاقها بالسيسى باعتباره المسؤول عن أحوال البلاد والعباد. وهذه أكبر مؤامرة يتعرض لها الرجل الآن بغرض التأثير على شعبيته التى يحتاجها قبل خوضه الانتخابات الرئاسية. وعليه أن يتصدى لأصحابها قبل أى شىء آخر ليمضى فى طريقه نحو الرئاسة بلا ألغام!
أما الذين يتهمون الدولة بمؤسساتها بمؤازرة السيسى والانحياز له فى الانتخابات الرئاسية فعليهم أن يراجعوا هذه التصرفات والمواقف ليدركوا حقيقة الأمر.. هل تنحاز الدولة للسيسى أم هى منحازة ضده؟