لم يكن الإعلان عن مشروع حفر قناة السويس الجديدة مجرد فتح ملف مشروع وطنى قومى يلتف حوله الشباب من مختلف الاتجاهات وفتح مجال للعمل لما يقرب من مليون شاب ولكن فى الحقيقة هو مشروع له عمق تاريخى واستراتيجى ومسقبلى، إذ هو فى تخيلى المشروع القومى للقرن الواحد والعشرين..
وحسبنا أن ندرك أننا عشنا فى القرن العشرين مشروعاً قومياً التف حوله المصريون فى ترقب وحب وقناعة هو مشروع إنشاء السد العالى، لم يكن هو الآخر مجرد مشروع عادى بل كان قصة كفاح شعب ضد الاستعمار الثلاثى إنجلترا وفرنسا وإسرائيل. بعد أن حاولوا تدمير مصر إثر قرار ناصر التاريخى بتأميم قناة السويس شركة مساهمة مصرية.. ولاتزال أصداء هذا القرار التاريخى يلتف حول ذاكرة المصريين ويضع لهم هذا الحاجز العملاق ضد أى ضعف أو هوان.. أحس اليوم وأنا استمع إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى أنه حينما يفتح مشروع إنشاء قناة السويس الجديدة إنما هو يقرر لنا المشروع القومى لحضارة عملاقة لا يعرفها كثيرون. هذا المشروع سوف يكون على مدى الزمن هو شخصية مصر التى يبحث عنها الشباب والأجيال.. وقد قرأنا كثيراً عنها ولم نصل إلى شىء.. كل ما كان يقال مجرد سرد للماضى وعودة إلى تاريخنا المشرف على مدى أكثر من سبعة آلاف عام.. أما شخصية مصر الحديثة فقد تاهت وسط المتاهات وبين الافتراءات وبين المؤامرات الخارجية والخيانات العالمية اليوم فقط يقرر الرئيس السيسى مشروعنا القومى للقرن الجديد.. يقرر حفر قناة السويس الجديدة لتكون شريانا حديثا يربطنا بالعالم ورئة حية تتنفس بها مصر وروحا جديدة ولغة جديدة ومشهدا جديدا.
وقد كان التحدى الكبير أن يصدر الرئيس السيسى قراره الذى لن ننساه بأن ينتهى المشروع خلال عام واحد.. هذا هو الشكل الذى يرتضيه زعيم وطنى لبلاده.. وهو يرى أن السنوات القادمة سوف تشهد تكثيفا للعلم والعمل حتى يتسنى لنا أن نلحق بركب الحضارة والتطور والتاريخ بعد أن تخلفنا سنوات طويلة ضاعات بسبب قيادات لم تتعامل مع الشعب بجدية وحق وعدل، كان الشعب مجرد سلعة يستثمرون بها وينطلقون من خلالها ولا يبقى فى النهاية شىء لا للوطن ولا للجماهير التى تنتظر والتى طال وقوفها على يقين الترقب حتى يطلع فجر العمل ولكن بدون جدوى.
اليوم يعيش الشعب المصرى أعظم سنوات كفاحه مع فارس اختاره الشعب بنفسه وسط أحلك سنوات وأسود لحظات عشناها وسط حكم جماعة الإخوان المسلمين.. أحس الشعب أنه وجد ضالته المفقودة وأن الرئيس السيسى لم يكن رئيسه المنتظر فقط بل هو بوصلة التقدم نحو غد أفضل. عرف الشعب المصرى أنه يوم اختار السيسى زعيماً له إنما اختار الطريق نحو الخروج من الأزمة. وبسرعة دارت عجلة الإنتاج وتحول اليأس إلى أمل حتى تلك المشاريع التى ماتت منذ سنوات بالسكتة الكلامية مثل مشروع توشكى أمر السيسى بإعادة إحيائه حتى لا تضيع المليارات هباءً وحتى يتحول الركود إلى حركة والكساد إلى نشاط وتنوير لشباب كان قد نسى تلك القيم والثوابت.. اليوم يصدر السيسى قراره التاريخى بإنشاء القناة الجديدة.. هو يصدر مع هذا القرار.. قرارا بإعادة استقلال مصر وإعادة الشموخ للشعب والكرامة لأمة تنتظر أن يكون قرارها فى يدها.. دون إملاءات من أحد مهما كان هذا الكيان لقد أصدر السيسى القرار ومعه صباح جديد وشمس جديدة. وسوف تثبت الأيام أن مزاعم أعداء مصر.. إنما كانت مجرد ثرثرة وغثاء وزبد البحر التالف.. ولتبقى مصر ويبقى شعبها الخالد.