السؤال المكرر الذى لا نجد له إجابة شافية هو: ما الذى يريده تنظيم الإخوان من وراء التصعيد الميدانى الذى صار روتينيا؟!.
بمنطق النتائج على الأرض فإن الخاسر الأكبر من المواجهات الراهنة هو الجماعة وأنصارها شعبيا وأمنيا، وبالتالى نكرر السؤال: إذا كانوا يخسرون فما الذى دفعهم إلى هذه المواجهات التى تبدو عبثية فى كثير من المرات؟!.
كان متوقعا أنه بعد قرار الحكومة تصنيف الجماعة بأنها إرهابية أن تلجأ إلى التصعيد حتى لا يتصور خصومها أنها ماتت وانتهت.
كما أنها تريد أن تقول لأنصارها فى الداخل وداعميها فى الخارج «إننا هنا ومازلنا قادرين على التظاهر والتأثير».
ثم إنها ــ وهذا هو الأهم ــ صارت تسعى بكل السبل للاصطدام بأجهزة الأمن بحثا عن «دم جديد» يظهرها فى صورة الضحية ويظهر الأمن فى صورة «الوحوش الآدمية» مما يعزز من المحاولات المحمومة لمقاضاة قادة الجيش والشرطة والحكومة أمام المحاكم الدولية بالخارج، وهو الملف الذى تراهن الجماعة على أنه قد يمثل نقطة تحول جوهرية إذا تبنته بعض الدول الكبرى المؤثرة دوليا.
من الواضح أننا وحتى نصل إلى الاستفتاء على الدستور يوم 14 يناير المقبل، سوف تسعى الجماعة لمزيد من الاشتباكات الدامية على غرار ما حدث يوم الجمعة الماضى، للوصول إلى هدف جوهرى هو إفساد وتعطيل الاستفتاء على الدستور بأى طريقة وبأى ثمن.
ربما يعتقد من بيدهم الأمر الآن من قادة الإخوان أن استمرار الاشتباكات ووقوع المزيد من الضحايا قد يؤدى ليس فقط إلى جلب المزيد من المتعاطفين، بل إلى انهاك الأجهزة الأمنية على مدى زمنى قد يصل إلى سنة من الآن.
مرة أخرى ورغم الأخطاء الكارثية التى تقع فيها بعض الإدارات الحكومية فى مواجهة الإخوان، فإنه لا يوجد تنظيم مهما بلغت براعته قادر على هزيمة الجيش والشرطة معا، وكما قال الدكتور المحترم والعقلانى ناجح إبراهيم فإن الدولة هى التى انتصرت فى كل المواجهات مع التيارات الإسلامية منذ عام 1928.
هل يراهن الإخوان على «انقلاب شعبى» ضد الجيش والشرطة؟!.
حتى لو راهنوا على ذلك، فإن المشكلة هى أن الإخوان لا يلاحظون أن قطاعا شعبيا كبيرا يلوم الجيش والشرطة والحكومة لأن أيديهم مرتعشة فى مواجهة الإخوان؟!.
لننسَ كل ذلك ونسأل الإخوان السؤال الأزلى: لنفترض أن أقصى أمانيكم قد تحقق وعدتم للحكم اليوم.. فماذا أنتم فاعلون ومن سوف تحكمون؟!.
غالبية الشعب، وكل أجهزة الدولة ضدكم من جيش وشرطة وقضاء وإعلام ونقابات ومجتمع مدنى.. فمن سوف تحكمون إذا عدتم الآن، هل ستحكمون الأطلال؟!. لو تحقق هذا الأمر ــ وهو شىء مستحيل ــ فإن أفضل نتيجة سوف تصلون إليها هى الحرب الأهلية، وحتى وقتها للأسف سوف تكونون أقلية.
هل تريدون تقسيم الجيش ومحاربة الشعب، هل هذا قمة أمانى التنظيم؟ لو كان هذا السيناريو وهذا التفكير صحيحا فإنكم تقدمون على مغامرة مجهولة.
لديكم فرصة أخيرة.. أن تهدأوا قليلا وتصدقوا أنكم خسرتم معركة ضد كل الدولة وتعيدوا تقييم تجربتكم وتعتذروا للشعب الذى منحكم ثقته. وقتها ــ إذا فعلتم ذلك ــ فربما تستطيعون العودة مرة أخرى.. أما غير ذلك فإن ما تفعلونه يقودكم إلى طريق واحد هو: الانتحار.
ا