الخبر السيئ أن الإرهاب سوف يستمر لفترة ولن يتوقف فجأة، إلا إذا استجاب الشعب والدولة لمطالبه التعجيزية.
والخبر المفرح أنه لم يحدث فى تاريخ مصر أن انتصر تنظيم إرهابى مهما بلغت قوته على الدولة المصرية.
صباح الجمعة استيقظت على صوت اهتزاز زجاج وباب غرفة نومى، زوجتى كانت مفزوعة وحاولت تهدئتها بأن الصوت ربما يكون ناتجا عن اختراق طائرة لحاجز الصوت كى أواصل نومى، بعد دقائق كان أحد الزملاء بقسم الحوداث يوقظنى على الخبر المفجع بأن هجوما غادرا استهدف مديرية أمن القاهرة.
بعدها لم يتوقف الهاتف عن الرنين من الزملاء والفضائيات.
الجميع وبعد أن يسأل عما حدث وسيحدث اليوم فى ذكرى ثورة 25 يناير يسأل السؤال الجوهرى وهو: هل فقد الإرهابيون عقولهم، وهل لديهم أى أمل فى الانتصار على الدولة كما يحلمون؟!.
بعيدًا عن التنظير السياسى فإن أكبر عقبة تواجه مخطط الإرهابيين ــ بغض النظر عن أسمائهم وتنظيماتهم وهوياتهم وأنصارهم ــ هى المواطنون العاديون وليس أجهزة الأمن فى الداخلية أو الجيش وليس تحقيقات النيابة أو أحكام القضاء.
بعد التفجير قابلت عشرات المواطنين فى محيط الحادث القريب من منزلى، وكذلك عقب أداء صلاة الجمعة.. الجميع غاضب وحانق على المجرمين،
هؤلاء لو قابلوا أى متظاهر سلمى فى الشوارع لربما فتكوا به.
لا يدرك الإرهاربيون وأولئك الذين يدربونهم ويمولونهم ويخططون لهم أنهم هم الطرف الخاسر فى النهاية من كل العمليات الإجرامية التى بدأت بقتل 16 مجندا فى معسكر رفح فى أغسطس 2012 وحتى القنبلة التى انفجرت أمام محطة البحوث فى شارع التحرير بالدقى ظهر أمس.
الإرهابيون والمتطرفون لا يقرأون التاريخ وإذا قرأوه لا يفهمونه، وإذا فهموه لا يعملون به ولذلك يخسرون فى كل جولة ولا يتعظ من يحاول السير على خطاهم هذه الأيام.
لم يتعظ الإرهابيون الجدد من سيناريو التسعينيات.. فى هذا الوقت طالت التفجيرات العديد من المواقع بل وصلت إلى تفجير مقهى وادى النيل بميدان التحرير وزرع قنبلة أمام إحدى مدارس مصر الجديدة مما أدى وقتها إلى استشهاد الطفلة شيماء.
قبل هذه الحوادث كان بعض البسطاء يبدون قدرا من التعاطف مع «الجهاديين» الذين قدموا لهم المساعدات المالية والعينية، بل وحلوا محل الشرطة فى محافظتى المنيا واسيوط، بعدها انقلب كل شىء وقرر المصريون الانقلاب على الإرهابيين وعزلهم، والتعامل معهم بالطريقة التى يستحقونها.
شىء من هذا بدا يحدث الآن من الشعب ضد غالبية التيار الإسلامى بما فيه الإخوان المسلمون.
الإرهاب سيندحر أن آجلا أو عاجلا، لكن لكى يحدث ذلك سريعا فلابد أن تتخذ الحكومة أقصى الإجراءات لمقاومته فى إطار القانون، وأن يتخلى الناس عن حال الغفلة، وأن تبدأ وزارة الداخلية فى تدريب أفرادها على مقاومة الإرهاب بصورة عصرية، وأن توفر لهم الأدوات التى تمكنهم من ذلك، والأهم أن تدرك الحكومة أن هزيمة الإرهاب لا تكون بالإجراءات الأمنية فقط، بل عبر برنامج شامل ومتكامل اقتصادى واجتماعى وفكرى ينتهى إلى عزل هؤلاء الإرهابيين فى إطار رؤية وطنية حقيقية للتقدم وإقامة دولة عصرية تعتمد أساسا على الحرية وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية ومن دون ذلك يصبح كل ما سبق حرثا فى البحر.