إحدى أمنياتى أن أعرف العبقرى الذى يخطط للحملات الإعلامية والتحركات الميدانية لجماعة الإخوان.
لو أن كل خصوم الإخوان حاولوا تشويه صورة الجماعة ما نجحوا بنفس الطريقة التى يتصرف بها هذا العبقرى.
فى كل مرة ترتكب فيه أجهزة الأمن كارثة، تسارع الجماعة إلى ارتكاب كارثة أخرى تغطى عليها، بما يذكرنى ــ مع الفارق طبعا ــ بفريق الزمالك الذى كان يسارع إلى الانهزام فى اليوم التالى لهزيمة الأهلى.
صباح أمس الخميس امتلأت جدران شوارع القاهرة بعبارات مكتوبة بالاسبراى تقول إن محمد مرسى والإخوان سيعودون للحكم يوم بعد غد الأحد 6 أكتوبر، وإنه «سيكون اليوم الأخير للسيسى والجيش والخونة والانقلابيين».
الله وحده يعلم الغيب، وكل شىء قابل للحدوث، لكن فى السياسة عليك أن تتحلى ببعض الحكمة حتى لا تصيب أنصارك بالإحباط.
فالطبيعى أن هناك احتمالا ألا يعود مرسى للحكم يوم الأحد، فماذا سيقول قادة الإخوان لأنصارهم وقتها.
هذه ليست سخرية أو مشكلة تافهة عندما نعلم أن الإخوانى يتعامل مع بيانات جماعته باعتبارها حقائق لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.
عبارة إن «يوم كذا» سيكون آخر يوم فى حياة الانقلابيين سمعناه، كثيرا من الإخوان منذ يوم 3 يوليو الماضى. عندما تقول كل أسبوعين إن اليوم الفلانى سيكون آخر يوم، ثم لا يحدث التغيير فإنك تحبط أنصارك.
وعندما تترك أنصارك يقطعون الطرق والمواصلات فأنت لا تكسب إلا غضب الناس.
هل فكر العبقرى الذى يخطط للإخوان هذه الأيام فى الصورة التى تصل لبقية الشعب حينما يسمع أن الإخوان يخططون لتعطيل شبكة الهواتف، أو تعطيل سياراتهم فى الشوارع لشل المرور؟.
الذى سمعته بأذنى من كثيرين أن كراهيتهم للإخوان زادت، ويعيبون على الحكومة فقط لأنها لم «تضرب الإخوان أكثر» حتى «يتركوا حال البلد يمشى».
للأسف كل يوم يزداد انفصال الإخوان عن الواقع الفعلى حولهم ويزداد غرقهم فى واقع متخيل، ويبدو أن خصومهم فهموا هذا الأمر فيتركونهم فى كل مرة يقعون فى الخطأ.
آخر القرارات الغريبة هى دعوة الجماعة أمس الخميس لأنصارها ببدء النزول من اليوم وحتى الأحد المقبل للتظاهر فى ميدان التحرير. وإذا علمنا ان خصوم الإخوان أعلنوا أنهم سيحتفلون بنصر أكتوبر فى الميدان يوم الأحد، فعلينا ان نتوقع مؤشرات كارثة كبرى إذا تقابل الحشدان.
مبدئيا من حق الإخوان مثل غيرهم التظاهر فى أى مكان بما فيه ميدان التحرير. لكن الدنيا ليست مثالية إلى هذا الحد، وبالتالى فالذى اتخذ قرار الدعوة للتظاهر فى التحرير لا يريد إلا الاحتكام للقوة، لفرض رأيه أو استدراج مواجهة تنتهى بمذبحة دموية يمكن المتاجرة بها محليا ودوليا.
يدرك الإخوان ان المشاعر ملتهبة والاستقطاب بلغ أوجه، وبالتالى فالأمر لا يحتاج إلا لشرارة صغيرة وبعدها يندلع الحريق الكبير.
المشكلة أن هناك تناقضا كبيرا بشأن ما يخرج من الإخوان هذه الأيام، حديث فى العلن عن السلمية ونبذ العنف لكن الواقع يقول إن غالبية المظاهرات صارت تنتهى باشتباكات وإصابات. والجديد الآن أنها تدعو عمليا لمواجهة فى التحرير.. وبالتالى فالرسالة الوحيدة التى تصل من الجماعة لمن يهمه الأمر هى أن المواجهة هى الفيصل.
ختاما نقول للعبقرى الذى يخطط للجماعة الآن: رفقا فقد فعلت ما عجز عنه كل خصوم الإخوان!