كل أنصار ومحبى الفريق أول عبدالفتاح السيسى يريدون منه أن يقول لهم كلمتين فقط هما: «قبلت الترشح»، لكن الرجل لا يريد أن يلتزم بأى كلمة قبل أن يكون متأكدا من أن كل شىء على ما يرام.
صباح السبت الماضى كنت أحد المدعوين لحضور الندوة التثقيفية الثامنة التى أقامتها ادارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة فى مسرح الجلاء. قائمة المدعوين متنوعة وموحية.. غالبية قادة الجيش والشرطة ورموز الفن والثقافة والأدب والرياضة.
جزء كبير من الحضور يحب السيسى بجنون وكان يريد منه التزاما واضحا ونهائيا وفوريا بالترشح، لكن ما حدث كان غريبا إلى حد ما: الرجل لم يقل بوضوح انه سوف يترشح، لكن كل الحاضرين خرجوا من قاعة مسرح الجلاء الفسيحة وهم متأكدون مليون فى المائة أن السيسى ليس فقط سيترشح، بل سيكون الرئيس القادم للجمهورية وبنسبة تأييد كاسحة.
يقول السيسى إنه زاهد فى الترشح ولم يطلب الولاية ولن يطلبها.. كل هذا صحيح لكن تقديرى كما صار واضحا لكثيرين ان قرار الترشح صار محسوما وفى درج المكتب وينتظر فقط نتيجة الاستفتاء على الدستور، وان تكون الانتخابات الرئاسية أولا.
عمليا هناك ميزة شديدة الايجابية لدى السيسى ولا تتوافر لدى أى مرشح آخر، وهى ان الشعب هو الذى يريده ويطلبه وليس العكس فى حين ان معظم المرشحين يتحدثون بمنطق الوعود ولسان حالهم يقول «إذا فزنا فاننا نعدكم بكذا وكذا».
بعبارة أخرى السيسى إذا ترشح لن يكون مطالبا بالإسراف فى الوعود الانتخابية المعتادة للشعب ولن يكرر خطأ محمد مرسى الكارثى الذى وعد المصريين بحل 5 مشاكل كبرى لم يحلها من سبقوه فى عشرات السنين، وفى هذه الحالة لديه فرصة ذهبية كى يصارح الشعب الحقيقة.
السيسى ليس مطالبا بنفاق الشعب أو سكب الوعود الانتخابية، لكنه مطالب فى كل الأحوال إذا ترشح ان يقدم برنامجا انتخابيا واضحا ويحوز رضا غالبية المصريين.
إذا ترشح السيسى مدعوما بهذه الشعبية سيكون بمقدوره مصارحة الناس بالحالة الكارثية للاقتصاد المصرى واننا تقريبا «عايشين بالستر ودعاء الوالدين ودعم بعض الاشقاء العرب فى الخليج».
إذا ترشح السيسى، سيكون قادرا على ان يطلب من الناس إعادة النظر فى دعم الطاقة، وان هناك فاتورة باهظة يتحتم دفعها من قبل فئات اجتماعية كثيرة.
إذا أعلن السيسى ترشحه سوف يستطيع وقتها فرض إجراءات تقشفية واسعة النطاق لن يكون غيره قادرا عليها خوفا من خسارة بعض القطاعات الجماهيرية.
إذا ترشح السيسى، سيكون بمقدوره اتخاذ إجراءات صارمة لمحاربة الفساد والروتين والانفلات، ولن يخشى وقتها من مغبة فقدان الرضا الجماهيرى لانه يملكه بالفعل.
تأخير إعلان ترشح السيسى قرار حكيم، وإذا افترضنا جدلا ان الانتخابات الرئاسية ستتم بعد البرلمانية فالأفضل فى هذة الحالة الانتظار وعدم الإعلان، لأسباب متعددة منها تأجيل فتح باب الانتقادات الأجنبية لأكبر وقت ممكن، إضافة إلى استحقاقات قانونية متعلقة بفتح باب الترشح والموعد الأفضل للاستقالة من الجيش تمهيدا للترشح.
ما لم يقله السيسى بوضوح يوم السبت الماضى ويفترض ان يقوله للناس اذا ترشح هو العبارة التالية: «أقدر حبكم ومشاعركم لكن المهمة صعبة جدا والتحديات خطيرة ومستعد لقبول المخاطرة فهل أنتم مستعدون لقبول وأداء واجبكم فى التعاقد، أى أن تعملوا بلا توقف وتتحملوا بلا شكوى وتؤجلوا الكثير من المطالب؟!»
ا