سيدخل الدكتور حازم الببلاوى رئيس الوزراء التاريخ من أبواب كثيرة، سواء كرجل قانون أو كخبير اقتصادى أو كرئيس للوزراء، لكن التاريخ قد يتذكره أكثر باعتباره الرجل الذى أصدرت حكومته قرار إعلان وتصنيف جماعة الإخوان باعتبارها منظمة إرهابية.
سيكون الببلاوى هو ثالث شخصية مصرية تتخذ قرارا بحل الجماعة بعد محمود فهمى النقراشى فى 8 ديسمبر عام ١٩٤٨، وهو ما كلفه حياته بعد عشرين يوما فقط من إصدار القرار، ثم جمال عبدالناصر الذى حل الجماعة للمرة الثانية فى 29 أكتوبر عام 1954 بعد ثلاثة ايام من محاولة اغتياله على يد الجماعة فى حادث المنشية الشهير بالإسكندرية.
لكن من المفارقات التى قد يتوقف التاريخ أمامها طويلا أن الرجل الذى لم يكن مقتنعا بإعلان الجماعة إرهابية بقرار إدارى هو الذى اتخذ القرار فى نهاية المطاف.
أغلب الظن أن التاريخ لن يتوقف وقتها كثيرا حول رغبة الببلاوى أو رؤيته الخاصة. الذى سيبقى فقط أنه صاحب القرار حتى لو كان معترضا أو متحفظا على صورته وطريقة اتخاذه وكيفية تنفيذه.
نترك التاريخ والمستقبل جانبا، ونركز قليلا مع الحاضر لنكتشف أن القرار التاريخى بتصنيف الجماعة إرهابية ظل محل أخذ ورد وجدل بين فقهاء القانون لفترة ليست بالقصيرة.
الجدل لم يكن فقط بعد تفجير المنصورة الإرهابى، بل بدأ بعد محاولة اغتيال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم قبل شهور ثم تجدد عقب المذابح التى وقعت بحق الجنود فى سيناء أكثر من مرة وكذلك بعد استهداف مقر المخابرات الحربية ومعسكر الأمن المركزى فى الأسماعيلية.
قبل حوالى شهر انتصرت رؤية الدكتور الببلاوى والتى كانت ترى التروى انتظارا لحكم قضائى يريح الجميع بدلا من اتخاذ قرار إدارى من الحكومة، الأمر الذى يعطى الجماعة أو أحد كوادرها الحق فى الطعن على القرار أمام القضاء الادارى، وهناك احتمال ولو بنسبة قليلة بقبول الطعن. وقتها سيحق للجماعة الزعم بأنها تملك حكما قضائيا بأنها ليست إرهابية وليست محظورة وهنا تنقلب الدفة وتخرج الجماعة بنصر لم تكن تحلم به فى تاريخها.
الذى حدث أنه وبعد حادث المنصورة الإرهابى تبين للحكومة أن هناك ثغرة قانونية تتمثل أساسا فى وجود المادة 86 من قانون العقوبات تتيح لها الإجهاز على الجماعة، إضافة الى وجود حكم محكمة عابدين المستعجلة والذى تم تأييده بحظر الجماعة قبل أكثر من شهرين.
أعضاء الحكومة تناقشوا أكثر من أربع ساعات يوم الأربعاء وتبين فى النهاية أن الغالبية ــ ومن بينهم الفريق عبدالفتاح السيسى ــ مع تصنيف الجماعة باعتبارها إرهابية. الببلاوى ومن معه لم يكن معارضا لدمغ الجماعة بالإرهاب بل كان يحاجج فقط فى الطريقة والأسلوب خوفا من مفاجآت غير سارة فى المستقبل.
المهم وقعت الواقعة وحسم الأمر لكن الذى ينبغى أن تدركه الجماعة أن الذى أوصلها إلى هذا الحال وأدى الى تعرضها لأشد ضربة ربما فى تاريخها، كان هو إرهاب بعض الجماعات المحسوبة على تيار الإسلام السياسى ثم حماقة بعض أنصار الجماعة فى الشوارع والجامعات الذين اعتقدوا أنهم قادرون على كسر الدولة أو شلها أو تعطيلها.
قرار عصر الأربعاء نقطة فاصلة فى تاريخ الجماعة لكن هل سيقضى عليها؟
أظن أن الاجابة تحتاج مزيدا من الوقت حتى نرى النتائج على الأرض.