ماذا تريد الولايات المتحدة بتصريحاتها الغريبة والخاطئة عن تورط مصر والإمارات بقصف معاقل التكفيريين داخل الحدود الليبية؟ وماذا تقصد جين ساكى، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، بقولها إن مصر وليبيا لم تطلعا الولايات المتحدة على خطوتهما بضرب ليبيا؟ المراقب لمسار السياسة الأمريكية فى المنطقة، وبشأن ليبيا تحديدًا، يلاحظ حملة منظمة للإيهام بتورط مصر ومعها الإمارات الشقيقة فى الداخل الليبى، بدأت هذه الحملة بتقارير من مراكز الأبحاث، وعدد من الصحف الموجهة، الوثيقة الصلة بأجهزة المخابرات الأمريكية، وجميعها تحدثت بناء على تصريحات مجهلة على لسان مصدر بالجيش الأمريكى، رفض الإفصاح عن هويته، عن أن طائرات مصرية وإماراتية قصفت معاقل التكفيريين على الحدود الليبية المصرية، وأن إدارة أوباما غير راضية عن هذه السياسة لعدم التنسيق معها. دعك من مسألة التنسيق مع الإدارة الأمريكية، أو التلميح لأخذ الإذن منها، ولتتأمل قليلاً ماذا تفعل الولايات المتحدة فى المنطقة بأسرها، ولماذا تطلق مثل هذه الحملة ضد مصر والإمارات فى هذا التوقيت؟ النصف الثانى من السؤال يتعلق بالمصريين الموجودين فى ليبيا، وبالخلايا التكفيرية المسلحة على حدودنا، فالحملة الأمريكية تعنى تهييج الخلايا التكفيرية للتحرك فى اتجاهين، الأول ذبح المصريين الأبرياء الباحثين عن فرصة عمل فى الأراضى الليبية، والتحرك للقيام بعمليات إرهابية على الشريط الحدودى، أو داخل المدن المصرية القريبة من السلوم إلى مطروح وصولاً إلى الإسكندرية، بعد أن أصبح لديهم غطاء تبريرى يتيح لهم الأخذ بالثأر! الآن الإدارة الأمريكية تراجعت عن تصريحاتها بعد البيان الحاسم للخارجية المصرية، وبعد تحول الاتهامات إلى إيطاليا، لكن هذا التراجع فى ذاته يكشف ويضىء الجانب الأول من السؤال المطروح: ماذا تفعل الإدارة الأمريكية فى المنطقة؟ الإدارة الأمريكية تنفذ برنامجًا لنشر الفوضى الشاملة، وهو برنامج أصبح معروفًا ومعلنًا، أدواتها فيه تفتيت المجتمعات العربية، وتغذية التطرف المتأسلم، والاعتداء على خلايا تكفيرية عنيفة تدير حروبًا أهلية فى المجتمعات العربية، تجعل من المنطقة بأسرها منطقة فاشلة على غرار الصومال وسوريا والعراق. وهى - أى الإدارة الأمريكية - تنفذ برنامجها التدميرى بإصدار «الروبوت» الذى لا عقل له، ولا قلب، ولا أخلاق أيضًا، وهى ماضية إلى آخر المدى حتى انتهاء ولاية أوباما الثانية، والحل الوحيد - الذى يقلق واشنطن بشدة - أن تتغير سياسة عدة بلدان عربية كبرى، من بينها القاهرة وأبوظبى والرياض، لتحمى حدودها ومصالحها ومجتمعاتها.