تلقيت العديد من التعليقات على مقال الأسبوع الماضى بعنوان «حتى لا تتكرر المؤامرة»، البعض استنبط من المقال أن الأحداث التى بدأت فى مصر فى 25 يناير 2011 هى مؤامرة، وأيد هذا، فى حين اعترض عليه آخرون.
هؤلاء جميعا تجاهلوا أننى كتبت فى صدارة المقال أن «جانبا» من أحداث يناير ارتبط بمؤامرة، وهو ما يعنى أن هناك جانبا آخر لا يمكن توصيفه بالمؤامرة بل تم بشكل تلقائى وله مبرراته الموضوعية.
الجانب الذى يتعلق بالمؤامرة والذى نفذه الإخوان ومؤيدوهم أصبح واضحا للعيان، ولا حاجة لنا للاستماع لدفاع المتهمين فى قضية قتل المتظاهرين للتعرف على أبعاده، بل يكفى أن نقرأ شهادة عدد من المسؤولين غير المتهمين فى أى من قضايا يناير، والتى نشرتها «المصرى اليوم» منذ عدة أيام، كى نعرف طبيعة المؤامرة. شهادات رجال مثل المشير طنطاوى، وسامى عنان ومراد موافى وغيرهم.
المشير طنطاوى والذى وصفه الثوار بأن دوره فى وقوف الجيش بجوار المتظاهرين هو الذى أدى لنجاح الثورة يقول فى شهادته، كما نشرتها «المصرى اليوم»، أنه تكشف أن عناصر إخوانية وأتباعهم استخدموا السلاح فى ميدان التحرير، وأن تمويل برامج الديمقراطية كان لها مردود فى مصر «إزاى يضربوا مصر ويولعوها كلما تهدأ»، وأن الفترة قبل الأحداث كان بها تسللات من غزة لمصر عبر الأنفاق، وأن اقتحام السجون وضع بمعرفة عناصر إخوانية وأجنبية، وأن ما يحدث الآن (2013 وقت الإدلاء بالشهادة) يوضح من الذى يقوم بالتخريب وإحداث الاضطرابات، والفرق فى ذلك الوقت (2011) كان فيه ناس كتير من الشعب مش فاهمين. هذا ما قاله المشير طنطاوى، فهل حان الوقت لكى يفهم الشعب ما حدث.
هناك جانب آخر من أحداث يناير تم بشكل تلقائى ودون تآمر وشارك فيه العديد من الشباب المصرى الذى خرج يطالب بالتغيير والأمل فى غد أفضل. أعرف العديد من هؤلاء الشباب وأعرف وطنيتهم بحكم عملى بالجامعة، وقد كتبت عنهم وعن قضاياهم قبل 25 يناير 2011 بفترة طويلة، منها مقال نشر بجريدة أخبار اليوم فى 7 مارس 2009 بعنوان «من يكسب جيل الألفية»، تحدثت فيه عن تبلور جيل جديد فى مصر، جيل عصر المعلومات والإنترنت، جيل لا ينجذب للتوجهات الفكرية والسياسية المطروحة على الساحة، ويتشكك فى الأطر المتاحة للمشاركة السياسية. وطالبت بضرورة تطوير لغة الخطاب فى الحوار مع هذا الجيل، وخلق أطر جديدة للتواصل معه، وتبنى قضاياه واستيعابه فى النظام السياسى، واختتمت المقال بعبارة أن مستقبل مصر يرتبط بهذا الجيل من الشباب، ومن يكسب هذا الجيل سوف يكسب المستقبل.
شارك أبناء من هذا الجيل فى مظاهرات 25 يناير مطالبين بسماع صوتهم وتبنى قضاياهم. واليوم وبعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام على هذه الأحداث، أجد بعض الشباب وقد أصيب بالحيرة، وآخرون بالإحباط، حيث وجدوا رموزا تتحدث باسمهم وليس لها مصداقية لديهم، ولم يجدوا استجابة كافية لمطالبهم أو أطر مناسبة لمشاركتهم.
قضايا أبناء هذا الجيل هى الأولى بالمناقشة وليس الجدل حول المؤامرة.