ندرك أن «دواعش الإرهاب» بتنوع مسمياتهم من «أنصار بيت المقدس» إلى «جند مصر» تخوض ضد قوات الجيش والشرطة حربًا مفتوحة يستشهد فيها أغلى أبناء الوطن، وأن كل هذه الكيانات الإرهابية تتفق على استهداف الجمهورية الجديدة لترويع الشعب، وإظهار المسار السياسى الذى توافقت عليه غالبية المصريين بمظهر العاجز عن تأمين مواطنيه وقواته ومنشآته وغيرها.
لكن ينبغى النظر لجانب آخر استغل هذه المواجهات المحتدمة بين جماعات الإرهاب وقوات الأمن لتمارس جرائم بلطجة وتجارة السلاح والمخدرات واختطاف المواطنين لمساومة ذويهم على «فدية»، وهو ما يحدث بشكل واضح بالصعيد، ولعل «نجع حمادى» سجلت أرقامًا قياسية فى جرائم الخطف، بينما استحوذت مناطق شبرا وروض الفرج والساحل والعشوائيات على نصيب الأسد من الجرائم الجنائية التى تتصدرها البلطجة وفرض الإتاوات، والاتجار بالمخدرات والسلاح علانية، وتحدثت مع مواطنين زودونى بأسماء بعض هؤلاء المجرمين، مؤكدين أن ضبّاط المباحث يعرفونهم، ورغم ذلك يواصلون ممارساتهم الإجرامية باطمئنان.
أتلقى النشرة اليومية التى يُصدرها مركز الإعلام الأمنى وتتضمن جهودًا طيبة بنتائج حملات ملاحقة الجريمة بشتى أنحاء البلاد، لكن شكاوى الناس قادتنى لتجربة شخصية بمنطقة روض الفرج التى شاهدت فيها بعينى عمليات تجارة المخدرات علانية، وأشخاصًا يمارسون فرض إتاوات على أصحاب السيارات الراغبين بالانتظار، وصولاً لمكان عملى بصحيفة الأهرام بشارع الجلاء، بينما يقف رجال المرور غير مكترثين، وربما تورط بعضهم بغض الطرف عن ممارسات تقع بقلب القاهرة، فما بالك بالعشوائيات التى يغيب فيها الأمن تمامًا، وأدعو مدير الأمن والمباحث بالقاهرة لجولات مفاجئة بمنشية ناصر وروض الفرج والمطرية وغيرها ليروا بأنفسهم «دواعش البلطجة» الذين لا تقل خطورتهم على المجتمع عن «دواعش الإرهاب» الذين تلاحقهم أجهزة الأمن.
المفهوم الذى يؤكده وزير الداخلية دائمًا بشأن «أمن المواطن» يتطلب ترجمته لواقع ملموس إلى المزيد من الجهود المشتركة بين المواطنين والقوات، لكن معظم الناس يخشون الإبلاغ عما يشاهدونه من جرائم خشية تعرضهم لتنكيل البلطجية، وحجم استجابة أقسام الشرطة وإداراتها ليس كافيًا، فلابد من المكاشفة، ويعلم الجميع أننى أكتب بدوافع الخوف على الوطن وليس التربص برجال الشرطة الذين أدرك جسامة تضحياتهم.
وإذا كانت مصر بأسرها تنزف دموعًا لاستشهاد رجال الشرطة، فهناك «جوانب قصور» لا يتسع المجال لرصدها، وتتطلب جولات مكثفة لمفتشى الداخلية والأمن العام لمعالجة مواطن القصور والتراخى، إذا شئنا ترسيخ مفهوم «أمن المواطن» كما ينشده الوزير محمد إبراهيم، الذى أدرك الأعباء الملقاة على عاتقه، لكن هناك من يُفسدون الأمر باسترخاء لا يستساغ تبريره، وتنبغى مواجهته بشجاعة، وتكثيف حملات الأمن الجنائى، فأرواحنا كمواطنين وقوات مرهونة بمدى اليقظة والجدية خلال هذه المواجهات المفتوحة، سواء ضد الإرهاب أو الجريمة.