يبدو أن من الخصائص المميزة للإرهاب الأسود أنه أعمى لا يرى أمامه إلا العنف، وأنه بلا عقل يمكّنه من الاختيار بين ضحاياه بما يخدم أهدافه.
فالعملية الإجرامية التى تمت فى طابا واستهدفت حافلة سياحية كانت تقل سائحين كوريين جاءوا يساهمون فى خدمة اقتصاد المواطنين المصريين، لا يمكن أن يكون وراءها عين تبصر ولا عقل يفكر، فهى تقلب موازين التعاطف الدولى التى كنا نشكو من انحيازها للإخوان إلى حالة عداء ضد من قتلوا رعايا دول أجنبية بلا جريرة ولا ذنب، فهل هذا يخدم هدف الإخوان أم هو عنف أعمى وأحمق يضرب كل ما تطاله يده الآثمة؟!
لقد بدأ الإرهاب مخططه كرد فعل لعزل الرئيس مرسى بعد أن خرجت الملايين تطالب برحيله ورحيل جماعته، وكان الإرهاب فى البداية يستهدف القوات المسلحة فى سيناء لعقابها على انحيازها للإرادة الشعبية وتنفيذها ما طالبت به الجماهير، ثم انتقل لاستهداف الشرطة التى كانت تتصدى لأعضاء الجماعة المتهمين فى جرائم جنائية، لكننا وجدنا الإرهاب ينتقل بعد ذلك لاستهداف المواطنين الأبرياء الذين سقط منهم العشرات دون ذنب جنوه، وها هو الآن يستهدف المجتمع الدولى بتفجير الحافلات السياحية دون مراعاة لما يمكن أن يكون مردود ذلك على موقف بعض الدول الأجنبية الداعم من الإخوان.
لقد كان استهداف المواطنين بالعمليات الإرهابية البائسة التى وقعت فى بعض مواقع تجمع الناس كمحطات المترو، على سبيل المثال، بمثابة إشارة واضحة إلى أن الإرهاب لا يعبأ بشىء، وأنه فى سبيل هدفه الإجرامى يمكن أن يقتل الناس ويحطم المنشآت العامة بلا أدنى تفكير، وكأن الحياة الآدمية للمواطنين المصريين لا تساوى شيئاً، وكأن تراثنا المتحفى أو المعمارى لا قيمة له.
أما استهداف السائحين الأجانب فهو تعبير عن حالة الغضب الهستيرى الذى وصل إليه الإرهاب وهو يرى مصر تقترب بخطى حثيثة نحو إكمال خارطة المستقبل بالاستعداد للانتخابات الديمقراطية التى ستأتى للبلاد برئيس منتخب وببرلمان يعبر عن القوى الحقيقية فى المجتمع، وذلك بعد أن أقر الشعب دستوراً بديلاً عن دستور الإخوان الذى سقط معهم فى 30 يونيو الماضى. إن العملية الإرهابية التى وقعت فى طابا لن تنال من تقدم مصر نحو المستقبل، لكنها أصابت قضية من ارتكبوها فى مقتل وكأن الإرهاب يقتل نفسه بنفسه.