يخطئ من يتصور أن التخريب الإخوانى المنظم الذى تشهده البلاد منذ سقوط حكم الرئيس محمد مرسى مقصور على التفجيرات الإرهابية التى تتكرر بين الحين والحين كلما اقتربت مصر من تحقيق خطوة جديدة على طريق إعادة البناء، وقد شاهدنا ذلك حين تم تصعيد أعمال العنف وقت طرح الدستور الجديد للاستفتاء، وكما نشاهد الآن ونحن نقترب من موعد الانتخابات الرئاسية.
فالمتابع لمخططات الإخوان يجد أنهم يعملون على أكثر من مستوى، فهناك بالطبع العمليات الكبرى، سواء ما يجرى منها على الحدود فى سيناء، أو ما يجرى فى الداخل، مستهدفاً مديرية أمن القاهرة، أو اغتيال وزير الداخلية، وهذه العمليات تتم بتخطيط من جماعة الإخوان، وبالتنسيق ما بين التنظيم الدولى وبعض التنظيمات الإرهابية التى تم تشكيل بعضها خصيصاً لهذا الغرض، ثم هناك العمليات الصغيرة التى يمكن أن نسميها «التفجيرات الصوتية»، والتى لا تستهدف أناساً أو منشآت معينة، وإنما تتم بهدف إثارة الذعر بين الناس، والإيهام بأن التنظيم موجود وفاعل، وتلك العمليات تتم كلها بتخطيط داخلى من القيادة المحلية للإخوان، والتى تفتتت وتعددت بعد سقوط القيادات المركزية.
وعلى صعيد آخر، هناك تحرك نشط يتم على المستوى السياسى والإعلامى الدولى، وتنفق عليه مبالغ طائلة تتلقاها شركات العلاقات العامة، وتلك مسؤولية التنظيم الدولى بالكامل.
على أن ما أريد أن ألفت النظر إليه هنا هو صعيد آخر لمخطط التخريب الإخوانى، الذى يتمثل فى الإضرابات الفئوية التى تزايدت فى الآونة الأخيرة، والتى تهدف إلى مصادرة المرحلة الجديدة التى ستبدأ بالانتخابات الرئاسية التى يتطلع إليها الناس آملين أن تحمل حلولاً لمثل هذه المشاكل، وذلك بشغل القيادة الجديدة فى تفاصيل الأزمات الفئوية المتكررة.
وهنا تجىء الذراع الخفية للإخوان، ففى الوقت الذى تبدو فيه بصمة التنظيم واضحة فى الأعمال الإرهابية، فإن دور الإخوان فى تأجيج الصراع الفئوى يغيب عن الكثيرين، وإذا كان ذلك المخطط قد بدأ فى الجامعة، ونجح بالفعل فى افتعال مواجهة بين الأمن والطلبة، فإنه مستمر خارج الجامعة، وقد كان آخر هذه الإضرابات إضراب عمال الغزل والنسيج بالمحلة، وإضراب الأطباء والصيادلة من قبله، حيث لعب الإخوان دوراً تحريضياً فى كل منهما، مستغلين بعض المطالب الفئوية الفعلية.
لقد آن الأوان أن نهتم بقضية العدالة الاجتماعية التى نصَّ عليها الدستور الجديد، وإلا فإننا نترك الثغرات للإخوان كى ينفذوا إلى تخريب مرحلة البناء الجديدة التى نتطلع إليها.