شعر ملايين المصريين بالغضب المشوب بالإهانة حين سمعوا شروط حركة «حماس» لقبول الهدنة مع إسرائيل خاصة الذى يتحدث عن فتح معبر رفح باستمرار وتحت رقابة دولية وإحدى الدول العربية التى تختارها الحركة الإخوانية، وستكون بالطبع قطر باعتبارها «الراعى الرسمى» وأهم ممولى التنظيم الدولى للإخوان، وسخّرت آلتها الإعلامية ممثلة بقناة «الجزيرة» بتغطيتها الانتقائية، التى تُعادى «الدولة المصرية» بفجاجة ووقاحة.
جاءت شروط حماس بعدما خرج قادتها ليعلنوا بلهجة مستفزة رفضهم لمبادرة مصر، التى بذلت الدبلوماسية والأجهزة السيادية المصرية جهودًا جبّارة لإقناع إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية، وبعدها كان «رد الجميل» هو تصريحات (بارونات الحرب) الحمساويين بتسفيه الدور المصرى والحديث الأخرق عن استبداله بدور تركى ــ قطرى، ثم توجت الإهانات بجريمة «صواريخ العريش» التى نفذتها كيانات إرهابية تواليها كأنصار بيت المقدس.
أما فى إسرائيل فقد زايد اليمين المتطرف على نتنياهو وحكومته لقبول المبادرة المصرية، واعتبروها بمثابة «استسلام وصفعة وعار لإسرائيل»، وقالت أياليت شاكيد عضو الكنيست بحزب «البيت اليهودى»: إن أى وقف لإطلاق النار لا يحسم أنفاق حماس وصواريخها هو استسلام، وإن «إسرائيل ستعمل بعد العملية لإقناع المجتمع الدولى بضرورة تفكيك غزة من الصواريخ وهدم الأنفاق ومنع تهريب الوسائل القتالية»، كما اعتبر الوزير أورى آريئيل، وقف إطلاق النار بمثابة «وصمة عار» وقال إنه لم يحقق الردع المطلوب لحماس، وبينما تواصل القاهرة محاصرة الحرائق التى ينفخ فيها «بارونات حماس»، ومتطرفو اليمين الإسرائيلى فقد سادت الشارع المصرى مشاعر مناوئة اعتبرت «حماس» حركة إرهابية تتاجر بدماء الضحايا، وتُشكّل الذراع العسكرية لتنظيم الإخوان الدولى وتورطت بقتل جنود مصريين واقتحام السجون، وتصدير الإرهابيين لاستهداف قوات الجيش والشرطة بسيناء وغيرها، وأنها تتفق مع إسرائيل على هدفين: قياس ردود فعل النظام الحاكم الجديد بقيادة الرئيس السيسى، ومحاولة تصدير أزمات غزة لسيناء بمؤامرة شائعة لتكون بمثابة «وطن بديل» للفلسطينيين الذين ضاقت بهم غزة.
ويقول مراسل «الديلى تليجراف» بغزة دافيد بلير إن نتنياهو لم يعد قادرًا على مقاومة الضغوط للدفع بدباباته لغزة، مشيرا إلى أن الدبابات الإسرائيلية (ميركافا) تتمركز بعسقلان بالقرب من غزة بانتظار الأوامر للاجتياح، وأن قادة إسرائيل سيقررون خلال الأيام وربما الساعات المقبلة ما إذا كانت هذه الدبابات ستتحرك للقطاع، وبالتالى تتحول العملية العسكرية من مجرد هجمات جوية لهجوم برى شامل، لكن نتنياهو رغم تردده لم يعد قادرا على مقاومة ضغوط اليمين المتطرف، الذى يرى رفض حماس لاتفاق التهدئة المصرى دليلا بأن الحركة تخطط للتصعيد، وهو ما دفع اليمين المتشدد للتأكيد بأنه لم يعد يملك بديلا عن الحرب البرية بكل نتائجها الكارثية المتوقعة، لتمارس بعدها «حماس» لعبة التباكى تارة وزعم الانتصار تارات والابتزاز السياسى والعاطفى.