تتعرض منطقة «غرب آسيا» و«شمال أفريقيا» وفى قلبهما «الشرق الأوسط» ـ بمعناه الجغرافى والتاريخى لهجمةٍ شرسة تبدو كالزلزال المدمر أو كالإعصار الذى يكتسح أمامه كل شىء إذ إننا بصدد تحولاتٍ خطيرة وأحداثٍ جسام تتجه بنا نحو المجهول، فبعد أن جرى تقسيم العالم الإسلامى بين «شيعة» و«سنة» يجرى تقسيم العالم العربى بين «مسلمين» و«مسيحيين»، والمشهد العام يؤكد ذلك، فكل يومٍ يحمل خبرًا جديدًا وأليمًا فمن استهداف الأقباط المصريين بعمليات إعدام جماعى على الهويّة فى «ليبيا» مؤخرًا إلى مطاردة المسيحيين فى «شمال العراق» مرورًا بالاعتداء على الكنائس فى «مصر» وغيرها من أقطار المنطقة، فضلاَ على البرميل القابل للانفجار دائمًا فى «لبنان المفترى عليه»، ونحن نرقب عن كثب التداعيات التى تجرى وتشير إلى أن المخاطر القادمة أكبر بكثير مما تصورنا فمن كان منَّا يسمع عن «داعش» منذ عامين؟! فكل يومٍ نكتشف أن المؤامرة أكبر مما تصورنا وأخطر مما توهمنا، ولا يجب أن يدفع مسيحيو الشرق فاتورةً قد تجرنا إلى مواجهةٍ معقدة لا نستطيع الخروج منها.
إننا أمام لحظاتٍ فارقة فى تاريخ المنطقة فالذين استبشروا خيرًا بالربيع العربى يراجعون أنفسهم الآن، فليست المسألة هى معاناة الشباب وشيوع الفساد وعنف قبضة الاستبداد وهى الظواهر التى تجذرت فى المنطقة وخرجت جماهير الشعوب ضدها، فإذا هى أيضًا مقدمة لأحداثٍ أكثر عنفًا وأشد وطأة على المنطقة برمتها وعلى الأقليات قبل غيرها، إننا ندق ناقوس الخطر قائلين إن ما يحدث فى المنطقة يجب ألا ينظر إليه بنفس الرؤية التى تعودنا أن نرى بها الأحداث فى العقود الماضية.. إننا أمام زلزال قادم.