حسنا ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسى من أن انشغالنا الداخلى لن يثنينا عن الاهتمام بالقضية الفلسطينية، فقطاع غزة ملاصق لحدودنا الشرقية وإسرائيل – هذا الكيان المجرم – يدك غزة بالصواريخ منذ سبعة أيام حتى بلغ عدد القتلى من المدنيين أكثر من 163 رجلاً وامرأة وطفلا، الأمر الذى يمثل جريمة مكتملة الأركان يسكت عنها «الضمير» العالمى وعلى رأسه أمريكا.
إن استهداف غزة بهذه الوحشية يحمل دلالات ذات مغزى، فإسرائيل لا تريد لمصر أن تنهض، وتبعث من الرماد مرة أخرى، وقد كانت الدولة العبرية أكثر الدول سعادة فى الأعوام الثلاثة الماضية حين انكفأت مصر على ذاتها بحثا عن الحرية والعدالة بعد ثورتين أطاحتا بمبارك ومرسى، وإذا كانت تل أبيب قد خسرت كنزها الاستراتيجى – مبارك – كما وصفه قادة إسرائيل، فها هى أمام نظام مصرى جديد تبدو ملامحه الأولى أنه ينوى أن يقود البلاد نحو الاستقرار والعدالة، وعليه قررت إسرائيل أن تحرج هذا النظام الجديد فى مصر، وتشن حرباً شرسة ضد غزة وأهلها.
لقد وقع الفلسطينيون طوال تاريخهم القريب ضحية بعض قياداتهم غير الأمناء على القضية، وقد ارتكب تنظيم حماس مصائب كبرى حين استولى على السلطة فى غزة، وللأسف فقد تورط قادة حماس فى انحيازهم البائس إلى مرسى وجماعته، الأمر الذى جعل المصريين ينفرون من هذا التنظيم الذى يعبث بمقدرات بلدهم، (تذكر أن بعض أفراد حماس دخلوا مصر وأسهموا فى فتح السجون فى أثناء ثورة يناير وتهريب المساجين من أنصارهم).
حسنا ما فعلته مصر حين أدانت العدوان الإسرائيلى الجبان، كما أحسنت أيضا عندما فتحت معبر رفح لاستقبال الجرحى ومعالجتهم فى المستشفيات المصرية، وما المساعدات التى تقدمها مصر إلا جزء من واجب الأخت الكبرى تجاه أهلنا فى فلسطين.
ولكن هل هذا يكفى؟ وهل يقتصر دور مصر على تقديم المساعدات والتمنيات؟ لا أظن، فإسرائيل عدو لمصر فى المقام الأول، وما غزة سوى بوابة شرقية للبيت المصرى الكبير.
نريد موقفا أكثر حزمًا من الدولة المصرية، حتى لا تتكرر المأساة، وحتى تدرك عصابة تل أبيب أن زمن الكنز الاستراتيجى انتهى إلى غير رجعة!