تذكرنى النداءات المتكررة للمشير عبدالفتاح السيسى بالترشح لتولى منصب رئيس الجمهورية بالنداءات الملحاحة التى أطلقها علماء الأزهر وكبار التجار، مطالبين فيها محمد على بقبول تولى حكم مصر قبل 209 سنوات تقريبًا.. صحيح أن هناك عدة فوارق جوهرية بين الرجلين، وبين الحالتين، لكن أوجه التشابه كبيرة بدرجة تغرى عشاق المقارنات بالبحث والتنقيب عسى أن نفهم أنفسنا.
تعال نتحدث عن التشابه فى البداية، ثم نعرج على الفروق فى النهاية.
أنت تعلم أن رحيل جنود الحملة الفرنسية على مصر بعد فشلها كان فى أغسطس عام 1801، وتدرك أيضًا أن محمد على كان ضابطًا ألبانيًا جاء إلى مصر فى مارس عام 1801 تنفيذًا لأوامر السلطان العثمانى – تذكر دوما أن مصر فى ذلك الوقت كانت مجرد ولاية تابعة للدولة العثمانية – ليشارك فى محاربة الفرنسيين بالتعاون مع الإنجليز وطردهم خارج البلاد، وهو ما تم بالفعل.
لكن تفاحة السلطة بعدها ظلت تتنقل من فم إلى فم طوال أربع سنوات عجاف، حيث عين العثمانيون خمسة ولاة فى تلك الحقبة، هم خسرو باشا، ثم طاهر باشا، ثم الجزائرى، ثم البرديسى، ثم محمد بك الألفى، ثم خسرو باشا مرة أخرى، وقد قتل من هؤلاء الحكام كل من طاهر والجزائرى وطرد الألفى وعزل خسرو!
أرجو أن تنتبه إلى أن المصريين كانوا بعيدين تمامًا عن هذا الصراع على السلطة، فقد كانت البلاد آنذاك تحتشد بجنود إنجليز ومماليك وأتراك وفرس وهنود وأكراد وألبان، وقد عاثوا فى الأرض فسادًا، الأمر الذى جعل المصريين يبحثون عن رجل حازم وجاد يحميهم من النهب والترويع والقتل الذى تمارسه هذه القوات الأجنبية فى أرضهم، وقد لاحظ التجار وعلماء الدين أن محمد على شاب مسلم تقى تحت إمرته 6000 جندى ألبانى، يتمتع بشخصية قوية حازمة، فقرروا تنصيبه على عرش مصر فى ليلة 12 مايو 1805، وهذه أول مرة فى التاريخ يختار المصريون حاكمهم «لم تكن فكرة الوطن قد تبلورت فى ذلك الوقت، المهم أن يكون مسلمًا».
أما الآن فالمصريون يشعرون بالحاجة الملحة إلى من يحميهم من غدر الإرهابيين الذى استفحل بشكل مؤسف، فطالبوا الرجل القوى الذى اختبروه من قبل بتولى زمام الأمور، لكن الفرق الجوهرى بين محمد على والمشير السيسى أن الأول كان ألبانيًا لا يعرف اللغة العربية على الإطلاق، بينما المشير مصرى ابن مصرى!