فاجأنا المشير السيسى بتقديم أوراقه أمس.. صحف عديدة قالت إنه سيترشح خلال يومين.. عمله فى المخابرات يغلب عليه طوال الوقت.. فى السياسة الأمر يختلف.. كيف يوفق المشير بين صمته المخابراتى، وشفافيته فى السياسة؟.. الجماهير تنتظر هذا بالطبع.. السياسة شىء والمخابرات شىء آخر.. لا غموض مقبولاً بعد اليوم.. تحركات المشير لا تخصه وحده.. تخص الرأى العام، من الآن فصاعداً!
كان يكفى المشير أن يتقدم بالأوراق المطلوبة فقط.. الكشف الطبى و25 ألف توكيل.. ما حدث إجابة غير مطلوبة فى شروط الترشح.. إجابة غير مطلوبة فى ورقة الامتحان.. المطلوب إجابة على قد السؤال.. ليس مطلوباً منه أن يضع كل ما يعرفه فى الكتاب للإجابة عن سؤال واحد.. أما باقى التوكيلات فقد أدت الغرض منها.. بعثت رسالة مفادها أن التوكيلات استفتاء جديد على الثورة والمشير معاً!
لست مع من قال إن التوكيلات كانت استعراضاً للقوة.. بالعكس.. التوكيلات مهمة فى الحالة المصرية.. تعبر عن رغبة شعبية.. تؤكد ألف مرة أنها ثورة شعبية، وليست انقلاباً عسكرياً.. أمر مهم جداً.. لا أعرف لماذا اختارت حملة المشير 200 ألف توكيل؟.. سمعنا أنها تجاوزت النصف مليون.. هل تخشى الحملة من بعض توكيلات غير مطابقة؟.. هل تخشى من ملعوب مشابه، حدث مع عمر سليمان؟!
حتى الآن يحدد المشير بنفسه ساعة الصفر.. لا أحد كان يعرف موعد التقدم رسمياً بأوراق الترشح.. فارق كبير بين لعبة السياسة، ولعبة المخابرات.. فى الأخيرة تلتزم الصمت تماماً.. فى الأولى لا يصبر الناس على الصمت.. حين تمارس الصمت فى بيتك، فهذا حقك.. حين تمارس الصمت فى العمل العام، ليس من حقك.. كان كل ما سبق تكهنات.. فتاوى يطلقها الأنصار.. من الآن المطلوب معلومات!
لم يكن أحد يعرف متى يستقيل السيسى؟.. ظل الأمر شهوراً.. النهارده.. بكرة.. أيضاً لم يكن أحد يعرف متى يتقدم بأوراق الترشح؟.. استمراًراً لآثار عمل المشير بالمخابرات.. هذه النقطة مهمة للغاية.. لا تقللوا منها، ولا تستهينوا بها.. ربما تصادفنا هذه الحالة فى بعض القرارات السياسية.. هناك فارق بين المسارين.. أن تكون سياسياً تختلف عن أن تكون رجل مخابرات.. فما تأثير ذلك على الحكم مستقبلاً؟!
الأسئلة مشروعة، والمخاوف مشروعة أيضاً.. ومع هذا فلا أتصور أن الرجل الذى عاش فى الظل يخشى من النور والضجيج والصخب.. فالرجل واثق من نفسه، متمكن من أدواته.. مؤثر فى خطابه.. فقط نحتاج إلى لحظات مكاشفة.. أعترف أن رصيد المشير كبير فى بنك المصريين.. ظهر ذلك فى التوكيلات.. ظهر أيضاً فى الرغبة فى الانضمام إلى حملة المشير.. حتى أصبحت عضوية الحملة جائزة(!)
المشير السيسى تغيّر مساره فى عام.. تدرج من لواء، إلى فريق، إلى مشير.. أصبح الأوفر حظاً للفوز بمنصب الرئيس.. فهل يستطيع تغيير مسار مصر؟.. هل تتحول من «توكتوك»، كما قال «هيكل»، إلى طيارة؟.. السؤال: أى رجال حول المشير؟.. ماذا يحمل فى حقيبته لمواجهة أزمات عمرها 30 سنة؟!