قصة الشاب أحمد عبدالرحمن حسن تستحق الدراسة المتأنية من علماء الدين والاجتماع، فهو وسيد عطا يمثلان نموذجاً حقيقياً لما يسمى «جيل العنف المسلح الفردى والعشوائى».. وهو الجيل الثالث للعنف المسلح فى مصر.
■ وأحمد عبدالرحمن هو الذى حيّر الأمن فى الشرقية فترة طويلة.. فقد قتل بيده 14 ضابطاً وأمين شرطة.. وأصاب 6 ضباط وجنود من الجيش.. وكان يهوى قتل هؤلاء برصاصات فى الرأس.. وهو لا يعرف شيئاً عن الذين قتلهم أو أصابهم ولم يجالسهم من قبل أو يناقشهم فى شىء ولا يعرف عن دينهم أو أخلاقهم شيئاً.. وكان يكفيه فقط أن يرتدى أحدهم الزى الميرى للشرطة أو الجيش ليكون مبرراً لديه بقتله مباشرة..
■ قد تعجب إن علمت أن أحمد خريج كلية أصول الدين.. وأنه يبلغ من العمر 30 عاماً.. قد يعجب البعض من تحول داعية أزهرى يبذر الأمان والحب إلى زارع للخوف والفزع واليتم والترمل فى بيوت لا يعرف أصحابها.
■ لابد أن هناك شيئاً خاطئاً وراء ذلك التحول؟!!.. نعم.. فأحمد تخرج فى الكلية فقيراً ولم يجد عملاً كريماً يفرغ فيه علمه الأزهرى.. حتى بلغ 30 عاماً.. لم يجد عملاً سوى أن يحمل أنابيب البوتاجاز ليصعد بها إلى الأدوار العليا.. ترى لو عمل أحمد فى مهنته الأصلية كداعية أو مدرس أزهرى هل كان سيتورط فيما تورط فيه من دماء وقتل؟
■ المتغير الثانى فى حياة أحمد حينما مكث فى معسكرات التدريب فى رفح بسيناء بعد ثورة 25 يناير عاماً كاملاً يتلقى على مهل فقه التكفير مغموساً بعلم التفجير والقتل فى معسكرات لا يقربها أحد من الجيش والشرطة لمدة 3 سنوات كاملة.. وأول دروسها التكفير بالجملة للجيش والشرطة والأحزاب السياسية فى كل الدول العربية وليس مصر.
■ أما المتغير الثالث فى حياة أحمد فهو ذهابه إلى سوريا ومكوثه هناك عاماً ونصف العام.. ليتلقى أحدث ما وصلت إليه علوم التكفير والتفجير.
■ فى آخر مرة قتل فيها أمينى شرطة طارده الأهالى دون هوادة.. وكلما دخل حارة دخلوا خلفه وكان معهم أمين شرطة استطاع قتل أحمد فى رأسه كما فعل هو مع الآخرين.
■ قد تعجب حينما تعلم أن أستاذه فى التكفير والاغتيال، الذى كان يقود له الموتوسيكل، لم يحصل إلا على دبلوم تجارة.. وأستاذه الآخر، خال زوجته، هو الذى قتل المجندين البسطاء فى كمين بنى سويف الذين لا شأن لهم بالسياسة والسلطة، ولم ولن يستفيدوا من أى سلطة فى تاريخ حياتهم.. قتلهم دون أن يدرى أن ابنه أو شقيقه يمكن أن يكون جندياً مثلهم وفى مكانهم.
■ جيل العنف الفردى العشوائى الذى لا يعرف هدفاً من وراء قتل وتفجير ضحاياه.. هو الحصاد المر للانسداد السياسى والاجتماعى والاقتصادى أمام الملايين من الشباب.. ولتحويل معركة السلطة بين الإسلاميين والدولة إلى صراع على الدين والإسلام.
■ إن الجميع يغفل أن الإسلام وكل الأديان جاءت لتهدى الناس إلى الحياة الصالحة ولم تأت لتزرع الخوف فى النفوس أو تشيعهم إلى القبور أو تقتل البسمة فى نفوس الأمهات والزوجات والأطفال لتحولهم إلى ثكالى وأرامل وأيتام.. حتى وإن فعلها غيرهم من أهل الدنيا وطلابها فلا يجوز لهم أن يفعلوها.. وإلا فقدوا إسلامهم ووطنيتهم وإنسانيتهم معاً.. ترى من المسؤول عما أصاب أحمد وقتلاه وجرحاه والوطن؟!.. وأين الخلل فى قصة أحمد؟!