لم يتأمل البعض خبر انفجار قنبلة داخل منزل صيدلى ترك المتفجرات التى صنعها تتعرض للشمس، ما أدى لانفجارها واحتراق جزء من شقته بحدائق القبة.. وضُبط بشقته كميات من المتفجرات والبنزين والخرطوش والطلقات وقنابل المون وكميات من المسامير والبلى والشفرات التى تدس فى المتفجرات لإحداث أكبر نكاية فى خصومهم، وهم بالطبع مواطنوه من نفس دينه ووطنه وقبلته من الجيش والشرطة.. ولم يتفكر الصيدلى أنه بعد سنوات قد يصبح جندياً أو ضابطاً احتياطياً فى هذا الجيش، وقد يقصده آخرون بالقتل أو التفجير.
■ لم يسأل هذا الشاب نفسه ماذا لو انفجر البيت كله بطبخة متفجراتى؟.. بمن فيهم والده ووالدته وأشقاؤه؟ ثم جيرانه الذين لا ذنب لهم ولا جريرة؟
■ وهل سيقول وقتها ببساطة: «يُبعثون على نياتهم».. وكأن الله وكّله بدلاً من ملك الموت ليقبض أرواح من يريد.. فإن كان من أتباعه فله الجنة وإن كان من خصومه السياسيين فله النار؟
■ وهل الإسلام جاء إلى الناس هادياً ومبشراً وناشراً للرحمة والخير والفرج والسعة أم أنه جاء إلى الناس بالموت والقتل والتفجير؟
■ وهل نشحن الناس إلى القبور متفجرين متفحمين.. أم نعلّمهم «فقه الحياة الصالحة»؟
■ وهل أعطى الله مفاتيح الجنة والنار لأحد من هؤلاء الشباب ليدخل نفسه وأتباعه الجنة ويدخل خصومه النار بعد التفجير.. مع أن الله لم يختص بذلك نبياً ولا ولياً ولا ملكاً مقرباً؟
■ وهل مثل هؤلاء الشباب أوصياء على الدين أو على الناس مهما كان صلاحهم أو حماستهم للدين؟
■ إن مشكلة هذا الشاب ليست فى صلاته ولا فى صيامه ولا فى حماسته للدين.. ولكن فى عقله وفكره الذى يجعله يحكم بالكفر أو الفسق على مخالفيه وخصومه مستلباً مهمة القضاة ثم مستلباً حق الولاة وينصب من نفسه قاضياً وحكماً وجلاداً ومنفذاً ومفجراً وكل شىء.
■ إنها عقول لا تمت للإسلام بصلة.. إنها لم تقرأ يوماً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار»، أو قصة ذلك الرجل الذى نحّى شجرة من طريق الناس فدخل الجنة- ليس لمجرد الصنيع البسيط نفسه- ولكن للمعنى العظيم الذى استقر فى قلبه من حب الخير للناس وإرادته لهم وحجب الضر عنهم.
■ ولو سقط القطار بفعل مثل هذا الشاب فهل سيطمئن قلبه لأنه أغاظ الحكومة بقتل البسطاء؟
■ إنه ينظر بعين مظلمة شريرة فلا يهمه سقوط الآلاف من بنى وطنه صرعى وجرحى.. فالجميع لابد أن يذوق ما ذاقه أحبابه فى فض رابعة حتى وإن لم يكن لهم شأن بأى شىء.. فلتتوقف الحياة جميعاً بامتحاناتها وكهربائها وطرقها وقطاراتها وكل شىء حتى نعود إلى لحظة 29 يونيو التى لم تغادرها الحركة الإسلامية حتى اليوم.
■ وهل يجوز تعميم العقاب على أبرياء لا شأن لهم بالخصومة السياسية؟
■ وهل إذا ظلمك أحد تظلم كل الناس وتفجر كل الناس وتدمر حياتهم؟
■ لقد أوذى الرسول وحورب وشُتم وضُرب فما زاده ذلك إلا عفواً وصفحاً ورحمة وحباً للناس «فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ».. ودعا لكل من آذاه ولم يدع عليهم: «اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون».
■ لقد كانت آخر كلمات الرسول، صلى الله عليه وسلم، فى حجة الوداع: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، فى شهركم هذا، فى بلدكم هذا».
■ فهل نعى ذلك اليوم قبل الغد؟!