كنت أنوى الكلام عن شغب الأولتراس.. لدىّ رغبة ملحة أن أقول لهم: عيب.. أن أحذرهم من تخريب البلاد.. دافعت عنهم من قبل.. طالبت الأجهزة الأمنية بأن تقدر أحزانهم.. حتى نطوى الملف.. فاجأنى موضوع أخطر.. يتعلق بالمستشار هشام جنينة.. لسبب أو لآخر ذكرنى بـ«شيكابالا».. يثير غباراً حوله طوال الوقت.. آخر ما صرح به «جنينة» قوله إن العدالة فى مصر «انتقامية»!
تخيلوا أن يصدر هذا الكلام من قاض كبير؟.. تصوروا ما يتهم به قضاء مصر؟.. تصوروا أكثر حين يقول: من الوارد تلفيق قضية ضدى لعزلى؟.. هل يعقل أن يصدر هذا الكلام من رجل دولة يشغل منصب رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات؟.. معناه أنه ينسف منظومة القضاء فى البلاد.. معناه أن القضاة يعملون بالريموت كنترول.. هل يعقل هذا؟.. هل كان فى وعيه، حين قال هذا الكلام؟!
شغب الأولتراس مقدور عليه.. ربما يكون من باب المراهقة.. ربما يكون مدفوعاً من هنا أو هناك.. كيف نتعامل مع شغب المستشار هشام جنينة؟.. لماذا تريد الدولة عزله؟.. هل يرى أنه يخوض حرباً؟.. ما هى ملامح هذه الحرب؟.. لماذا قدم «جنينة» نفسه على طريقة «شيكابالا»؟.. لماذا يثير الشغب فى كل مكان؟.. أى جنون هذا يا سيادة المستشار «جنينة»؟.. لماذا وضعت نفسك موضع الاتهام؟!
من أكبر الأخطاء، وربما الخطايا، أنك بدوت بطريقة تسىء لك أولاً، وتسىء للمنصب الرفيع.. من يضمن حيادك فى تحقيقات الجهاز العريق؟.. فى زمن مضى، لم نكن نعرف من هو رئيس جهاز المحاسبات؟.. كان يشبه إلى حد كبير رئيس جهاز المخابرات.. لم يكن يظهر على الشاشة.. لم يكن يهدد ولا ينتقم.. لم يكن يرى نفسه متهماً.. لم يكن يشعر بأنهم يترقبون عزله، ولو عن طريق تلفيق قضية! الشبه كبير بين «جنينة» و«شيكابالا».. كلما أطلق تصريحاً أحدث كارثة.. لا أحد يريد تلفيق قضية لك يا سيادة المستشار.. ما قلته قضية مكتملة الأركان.. ما صرحت به جريمة فى حق القضاء.. ما قلته عن نية مبيتة للعزل يدعوك للاعتزال.. فقدت شروط الصلاحية لمنصبك.. فقدت شروط رجل الدولة.. لا أحد يريد عزلك.. أنت عزلت نفسك.. عزلت جهازاً كاملاً.. ليس هناك شبهة تربص!
لا أتصور أن أى رئيس سابق للجهاز كان موضع اتهام كما أنت الآن.. أنت السبب.. لا تدَّعِى أنهم يحاربونك، لأنك تحارب الفساد.. من هم؟.. من أعداؤك؟.. أنت من يعادى نفسه.. تترك كل يوم جريمة خلفك.. بالضبط مثل شيكابالا.. بالضبط مثل الأولتراس.. فى لحظة تسامحنا مع الأولتراس تناسينا حرق الشوارع والسيارات.. تناسينا تصريحاتك أنت أيضاً.. خرجت تلقى المولوتوف من جديد!
استبشرت بوجود المستشار جنينة على رأس جهاز المحاسبات.. أعرف استقامته.. الاستقامة وحدها لا تكفى لتصنع رجل دولة من الوزن الثقيل.. الآن أتمنى أن يصمت أو يعتزل.. لا أحد سيعزله.. لن تتكرر خطيئة عزل النائب العام.. هل يريد أن يُعزل؟.. هل يريد أن يخرج بطلاً؟.. لا أحد سيعطيه هذا الشرف.. عيييييب(!)