لست مشغولاً بحفل المبايعات.. شخصيات سياسية كثيرة وأحزاب تعلن تأييدها لترشح السيسى.. يشغلنى رد فعل المشير نفسه.. القوات المسلحة تحدثت عن إجراءات تعقب الاستقالة.. تركت الأمر للضمير الوطنى للمشير.. أسر الشهداء طالبته بالترشح وهم يذرفون الدموع.. كان يبكى لكنه قال: سأدرس القرار.. معناه أنه يدرس، ولا يتعامل مع الزيطة.. ميزته الكبرى أنه «يتفاعل ولا ينفعل».. هذا هو الأهم!
حتى أمس لم يكن كثيرون يعرفون قرار وزير الدفاع.. الببلاوى قال أنتظر استقالة السيسى.. السيناريو الوحيد كان هو الاستقالة.. السيناريو الوحيد كان هو الترشح.. لا أحد فكر فى سيناريو بديل.. لا أحد فكر فى حكاية «الضمير الوطنى».. ألم يكن هناك احتمال واحد فى المائة أن يعتذر؟.. أن يقدم خطاباً للشعب يعتذر، ويستمر وزيراً للدفاع؟.. بالطبع هناك مقربون جداً يعرفون قراره، لترتيبات ما بعد الاستقالة!
مصر تحتاج لنوعية هذا الرجل، فى الوقت الحالى.. لا نحتاج مغامرين.. هدوء شخصية المشير يصب فى رصيد المصلحة الوطنية، سواء كان وزيراً أو رئيساً.. تصرفات الجماعة الإرهابية ممكن أن تجرنا لحرب.. سواء أهلية أو مع جيران.. مع إسرائيل أو السودان أو حتى ليبيا.. نحتاج لنوع من الحكمة.. لا تتحلى بها أطراف سياسية أخرى.. من هنا كان العبء ضخماً على الرجل.. عليه وحده أن يختار!
أى مسؤول فى مكان السيسى كان يتيه فخراً.. الجماهير تناديه وتطلبه.. لا تجد بديلاً له.. بعضهم يتمنى لو تمت تزكيته.. لا يريد أن ينافسه أحد.. لا يريد أن يترشح أمامه أحد.. لا يفهمون معنى الديمقراطية.. المشير السيسى هو الوحيد الذى يعيش المأزق.. لو ترشح أو بقى وزيراً وقائداً للجيش.. لا يندفع.. لا ينفعل.. يخشى فى الوقت نفسه من غضبة الشعب.. يخشى تفسير الثورة على أنها انقلاب!
تسألنى: هل يعنى أنك لا تريد السيسى رئيساً؟.. أجيب: لا يُفهم من كلامى هذا المعنى.. هناك وجه لهذا الكلام.. المعنى الحقيقى الذى قصدته هو: ألا يوجد احتمال آخر، ألا يترشح السيسى؟.. بالتأكيد هناك احتمال ولو ضعيف.. لكننا لا نريد أن نضعه فى اعتبارنا أبداً.. نتجاهله بالمرة.. القائد ينبغى أن تكون عنده خطط بديلة.. ينبغى أن تكون لديه جرأة القرار.. أن يكون جسوراً.. يتفاعل لكنه لا ينفعل أبداً!
من المهم أن أشير لأمرين.. الأول استفادة السيسى من عمله بالمخابرات.. هذه الميزة صبغت قراراته بهدوء.. فهو يدرس القرارات ويصرح بتحفظ.. ما يجعلنى أطمئن.. الأمر الثانى شعبية المشير الطاغية.. هذه الميزة قد تجعل الجماهير تبلع له الزلط، فى المديين القريب والمتوسط.. مصر تحتاج فعلاً لهذا النوع.. ساعتها سينصرف الناس إلى أعمالهم، وربما يشاركون فى مشروعات قومية مثمرة! التعديل الوزارى سيحدث.. هناك حقائب مطلوب تغييرها.. «الببلاوى» قال إنه ينتظر استقالة المشير.. الجماهير انتظرت استقالة المشير.. المشير الوحيد الذى كان لديه احتمال آخر.. الدراسة تعنى أنه بين أمرين.. المعلومات المتاحة لديه هى المعيار، فى حسم أمر الاستقالة من عدمه.. وبالتالى الترشح للرئاسة!