غالبية الذين خرجوا فى ثورة 25 يناير هم أنفسهم الذين صوتوا فى استفتاء 19 مارس 2011، هم أنفسهم الذين لم يصوتوا كثيرا لأحمد شفيق فى يونيو 2012، هم أنفسهم الذين خرجوا ضد الإخوان فى 30 يونيو.
هؤلاء أيضا هم الجمهور الكاسح الذى قال نعم فى الاستفتاء الأخير على الدستور الاخير.
بعبارة أخرى الذين قالوا نعم للدستور وللدولة وللجيش وللمدنية وللاستقرار هم كل المصريين ما عدا جماعة الإخوان وبعض المتعاطفين معها.
وبالتالى وجب على الحكومة وأهل الحكم أن يحاولوا التصرف على هذا الأساس.
أمام أهل الحكم طريقان رئيسيان بعد النسبة الكبيرة لنعم فى الدستور الأخير وعليهم ان يختاروا احدهما.
الأول أن يستمعوا إلى نصائح تنظيم «العائدون من دولة مبارك» ويستنسخوا دولته مرة أخرى من دون وجوده شخصيا، لكن بكل سياساته وأفكاره ورموزه.
الثانى أن يفهموا أن هذه النسبة تفويض شعبى لمواجهة الإخوان وكل المتطرفين والظلاميين مع تقديم برنامج عمل للمستقبل وتحقيق أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو.
الطريق الأول مغرٍ نظريا ويتمتع ليس فقط بتأييد بعض القطاعات الأمنية، لكنه مدعوم وتلك هى المشكلة بتأييد شعبى كبير طهق من الأعمال الإرهابية التى يمارسها أنصار جماعة الإخوان. لكن مشكلة هذا الطريق أنه غير مأمون العواقب فى المستقبل، وقد يؤدى إلى إعطاء المزيد من حقن الأكسجين التى تنعش جماعة الإخوان الموشكة على الموت بفعل الحصار الشعبى والضربات الأمنية.
الطريق الثانى يفترض أن يتمتع أصحابه بنظرة ثاقبة إلى المستقبل ويدركوا أن أفكار مبارك التى فشلت ثلاثين عاما فى المحافظة حتى على الحد الأدنى من الحياة الكريمة، لن تكون قادرة على التعامل مع تحديات المستقبل.
بطبيعة الحال فإن هذا الطريق ليس مفروشا بالورود وسيواجه تحديات كثيرة وسيتعرض أنصاره لهجمات من منتقدين كثيرين، بل سيتم اتهام أصحابه بأنهم خلايا إخوانية نائمة وطابور خامس وخونة.
النقطة الجوهرية فى هذا المقال هى حض أهل الحكم على الالتفات إلى نقطة مهمة هى ألا يتركوا قطاعات شعبية واسعة للانصراف عن الدولة او الائتلاف العريض لتيار 30 يونيو، لأى سبب من الأسباب.
هذه القطاعات تخشى أن يكون المسار الحالى يعود بالبلاد إلى أجواء ما قبل 25 يناير، وبالتالى تفضل الانزواء جانبا.
والسيناريو الكابوسى أن تتسبب بعض السياسات الحمقاء فى تقديم هؤلاء المواطنين المحبطين إلى جماعة الإخوان على طبق من ذهب.
فى كل الأحوال على أهل الحكم والعقلاء داخله أن ينتبهوا إلى خطواتهم المقبلة، عليهم أن يركزوا على أنصاف الفقراء والمحرومين وعليهم أن يركزوا على قصة التنمية وفرص العمل والاستثمارات، وإيصال رسالة للشعب بأن خروجه فى 30 ينويو ثم 14 يناير سوف ينعكس بالخير عليه وعلى حياته وعلى مستقبله.
على أهل الحكم البرهنة على أنهم مؤمنون حقا بالحريات خصوصا حرية التعبير.
ليس من الحصافة أن يسير الحكم فى الطريق الأول، لأن القوة وحدها لم تنجح فى تثبيت اركان حكم طول العمر.
لو كانت قوة الامن كافية بمفردها ما سقط اى طاغية ومن لا يصدق عليه ان يقرأ التاريخ البعيد جدا والقريب جدا.
مطلوب كسب قلوب الناس بدلا من تخويفهم فقط.