الشباب فى كل أمة هم ثروة يجب الحفاظ عليها وتنميتها واستغلالها أحسن استغلال، لأن بهم تتقدم الأمم وترتقى وتنهض، وبدون همتهم وجهدهم تتقاعس وتتأخر، ولو نظرنا إلى شعوب العالم أجمع لوجدنا أن وقود الحروب فيها هم للأسف الشباب أو إن شئت الدقة قل هم خيرة الشباب الذى يضحى بنفسه فى سبيل وطنه وأهله، من هنا كان اهتمام أى شعب برعاية وحماية شبابه حفاظاً منه على هذه الثروة التى بدونها يفقد كل مقومات الحياة، وأقولها صريحة إن ذهابى إلى اعتصام رابعة العدوية رغم اختلافى مع سياسة الإخوان المسلمين، وخاصة فى الفترة الأخيرة، وعدم موافقتى على كل ما كان يقال من فوق منصتها والتى لمت بعض من تحدث عليها على بعض ما قاله، لأنه لا يعبر عن مصلحة مصر ولا حتى مصلحة الجماعة، وكنت أقول لهم إنى كنت أتمنى أن يقال على المنصة وما تنطق به الحناجر لا يخرج عن تأييد الديمقراطية والحرية لكل المصريين دون هتافات يستفاد منها انحياز هذا التجمع لدين معين أو عقيدة معينة أو نصرة فرد معين كما كنا تماماً فى ميدان التحرير فى ثورة 25 يناير، حيث لا يجمعنا سوى حب مصر والأمل فى ديمقراطية حقيقية وحرية دائمة وعيش كريم لجميع المصريين على اختلاف جنسهم ودياناتهم وعقيدتهم أقول ذهبت إلى اعتصام رابعة العدوية رغم خلافى مع القائمين عليه لإعجابى الشديد بالشباب المعتصم فيه وتحملهم الحر والتعب مع الصيام لمدة زادت على شهر ونصف، وكان الجميع يراهن على عدم تحملهم ذلك وانصرافهم فى أول يوم من أيام رمضان، ولكن العدد زاد والتصميم استمر، والعزيمة اشتدت وهذا بالطبع ما جعل الكثير يحترمهم وينضم إليهم، وأعتقد أن هذا ما دفع الحكومة إلى فضه بالطريقة العنيفة التى تم بها والتى أوقدت فى الشعب ناراً يعلم الله متى تنطفئ ،وإن كنت أتصور أن ذلك لا بد أن يحدث بعزيمة وإصرار كل المخلصين لمصر والمحبين لها العاملين على رفعتها، وفى مقدمتهم الشباب وشباب جماعة الإخوان على وجه التحديد، لأن مستقبل الجماعة فى الفترة القادمة لابد أن يكون بيدهم ويدهم وحدهم، بعد أن فشل الكبار فى إدارة هذه المرحلة فشلاً لا يمكن أن يتوقعه أحد، فشل أدى إلى أن تصير الجماعة وحزبها إلى ما صارت عليه، بعد أن كانت فى قمة السلطة، وأول ما يجب أن يفعله هؤلاء الشباب هو التجمع ولو فى خارج جماعة الإخوان المسلمين، وأن يختاروا قيادات منهم تقودهم فى المرحلة القادمة، وهنا أنا أذكرهم بما فعل حزب الرفاه فى تركيا بعد حله إذ تحول إلى حزب آخر باسم مختلف بقيادة أخرى استطاعت أن تخرج به من أزمته وأن يدخل الانتخابات، ويصعد فيها إلى أن وصل إلى سدة الحكم، ونجح فى ذلك نجاحاً منقطع النظير جلب عليه حقد الحاقدين، الذين لا يحبون نجاح التيار الإسلامى فى أى بلد، ويرون فى ذلك خطراً يهددهم، ومنهم للأسف الشديد بعض البلاد الإسلامية وبعض المسلمين.
لابد إذن من أن يتجمع شباب الإخوان ممن كتب لهم العيش بعد مجزرة رابعة العدوية والنهضة، وما تلى ذلك من مجازر فى كيان واحد سواء تحت اسم جماعة الإخوان أو حزب الحرية والعدالة، وإن كنت أفضل اسماً آخر لأن هذين الاسمين نالهما ما نالهما فى الفترة الأخيرة من محاولة التشويه وأن يختاروا لهم قيادات أخرى من بين الشباب وقليل من ذوى الخبرة ممن عرف من القيادات السابقة من الإخوان بالاعتدال والرأى الصائب، مثل الدكتور محمد على بشر والدكتور عمرو دراج، وليضع هؤلاء الشباب لتجمعهم أى اسم يختارونه لأن الأسماء لا تهم ولكن المهم المبادئ والأفعال، وأن الشعب يريد أن يرى على الأرض من يضع مصلحته فوق كل اعتبار، وهو مستعد أن يقف معه، وأن يؤيده إذا رأى منه جدية فيما يقول ويفعل، مشكلة الإخوان أنهم دخلوا الثورة بقيادة غير ثورية لم تتفاعل مع أحداث الثورة، لا نشك فى إخلاصهم لوطنهم ولجماعتهم، ولكن هناك إحساسا لدى الناس بأنهم يضعون مصلحة الجماعة فوق مصلحة الشعب كله، وقد صدق هذا الإحساس عندما عدلت الجماعة عن رأيها السابق بعدم ترشيح أحد للرئاسة وتأييد أى مرشح آخر ترى فى أفكاره تقارباً مع أفكارها، وقد كان على الساحة اثنان ممن ينطبق عليهم هذا القول وهما الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور محمد سليم العوا، وأى منهما كان يمكن أن يقوم بذات الدورالذى كان يمكن أن يقوم به مرشحهم مع تجرده من سطوة سيطرة الجماعة التى جلبت على مرشحها محمد مرسى ما جلبت وأخرجته من الرئاسة سريعاً، وليته خرج خروجاً كريماً بل خرج إلى مصير لم يكن هو أو غيره يتمناه له، وكان هذا بفعل سياسة قادة الجماعه التى أودت بها إلى التهلكة.
أناشد مرة أخرى شباب الإخوان ممن أعتقد أن فيهم من الكفاءة والمقدرة على التجمع حول الرجل الهادئ المتزن الدكتور محمد على بشر واتخاذه قيادة للمستقبل يفكر معهم ولهم فى كيفية الخروج من هذا المأزق والاعتذار للشعب عما حدث والتعهد بألا يحدث مرة أخرى، وكفى ما خسر الشعب والجماعة من هذه السياسة الخرقاء التى جلبت على مصر والجماعة الدمار.
حمى الله مصر من كل سوء.