ذه محاولة للتنبؤ بنتائج أحداث تبدأ بعد اقل من 24 ساعة .المهمة صعبة إن لم تكن مستحيلة فليس فى وسع أحد أن يتنبأ بما يمكن أن تسفر عنه الأحداث القادمة، خاصة أن هذه الأحداث تتلاحق بسرعة مذهلة وتندفع بقوة فى كل الاتجاهات.
ثم إن أمورًا كثيرة يحوطها الغموض لدرجة أنه لم يعد معروف الفارق بين الحقائق والأكاذيب وبين الشائعات والأقاويل.
الأمر الوحيد الذى يحظى باتفاق عام بين كل أطراف المعادلة السياسية فى مصر.. وحتى بين المواطنين البسطاء الذين يغيبون عن المشهد السياسى.. هو التشاؤم والخوف من المستقبل القريب.. ومن النتائج التى يمكن أن تترتب على تداعيات الأحداث التى ستشهدها مصر بعد 24 ساعة أو على الأكثر بعد 48 ساعة!
و إذا تأملنا نتيجة الاستطلاع الذى قامت به إحدى الصحف الخاصة عن توقعات المواطنين بالنسبة لتأثير خطاب الرئيس مرسى على حدة تظاهرات 30 يونيو.. وإذا عرفت أن هذا الاستطلاع تم قبل أن يلقى الرئيس خطابه.. إذا وضعت كل ذلك فى الاعتبار فنحن أمام حالة واضحة ومؤكدة من الخوف والتشاؤم.
تقول نتيجة الاستطلاع إن 27.35% من الذين شملهم الاستطلاع يتوقعون أن يؤثر الخطاب فى حدة التظاهرات، بينما يؤكد 72.01% أن الخطاب لن يؤثر وأن المظاهرات ستكون على درجة كبيرة من الحدة.. بينما أعرب 0.63% عن عدم اهتمامهم أساسًا بالاستطلاع ونتائجه.
ما يقرب من ثلاثة أرباع المشاركين فى الاستطلاع لا يتوقعون خيرا من تظاهرات 30 يونيو.. وهو ما يؤكد أن الأغلبية تشعر بالخوف والتشاؤم.
والحقيقة أن هذا الخوف والتشاؤم لا يقتصر على المصريين وحدهم، إنما هو أيضا انطباع الأطراف الخارجية.. وعلى سبيل المثال فإن الولايات المتحدة التى أكدت أنها تراقب عن كثب التطورات فى مصر مع المظاهرات الاحتجاجية الحاشدة المقرر لها يوم 30 يونيو.. أعلنت على لسان وزير خارجيتها جون كيرى أن الجميع يشعر بقلق بالغ إزاء مصر.
وكأن وزير الخارجية الأمريكى يؤكد مخاوفه من حدوث عنف يمكن أن يجر البلاد إلى ما لا يحمد عقباه، فيضيف: أملنا أن تستطيع كل الأطراف والجميع سواء بالنسبة للمظاهرات التى ستقع يوم الجمعة (يقصد مظاهرات رابعة العدوية المؤيدة للرئيس) أو مظاهرات الأحد (يقصد مظاهرات التحرير والاتحادية المعارضة للرئيس).. أن يشاركوا فى تعبير سلمى وحر عن آرائهم وألا ينخرطوا فى العنف.
الخوف من العنف وما يمكن أن يؤدى إليه العنف يسيطر على الجميع.. ومن الواضح أن كل الشواهد والمعطيات الخاصة بالمشهد السياسى فى مصر تؤدى إلى.. العنف!
***
و الحقيقة أن العنف بدأ قبل أن تبدأ الأحداث.. كأن الأحداث بدأت قبل أن تبدأ!
على سبيل المثال شهدت محافظة الشرقية حالة من الاحتقان المبكر التى وصلت إلى درجة الاشتباكات العنيفة بين مؤيدى ومعارضى الرئيس مرسى.
الاشتباكات استخدمت فيها طلقات الخرطوش والحجارة ونتج عنها إصابة 11 شخصا بينهم ضابط وجندى.. وتسأل كيف وقعت هذه الاشتباكات فتعرف أن عددا من أعضاء الأحزاب والقوى الثورية بالشرقية قد نظموا مؤتمرا أمام قصر ثقافة الزقازيق للتنديد بحكم الإخوان.. وفى نفس الوقت قام عدد من أعضاء جماعة الإخوان بتنظيم مسيرة لتأييد الرئيس.. وتحركت المسيرة واقتربت خلال سيرها من مقر مؤتمر القوى الثورية فاندلعت شرارة العنف وتطايرت الحجارة والخرطوش!
ويحاصر عدد من أهالى قرية صهرجت الصغرى مركز أجا نحو 20 شخصا من أعضاء الجماعة داخل مقر الحزب ويقذفوهم بالطوب والحجارة.
وتشهد الإسكندرية أحداثا مماثلة تنتهى بإصابات بينها حالات حرجة.
وتعبر المأساة عن نفسها بشكل جاد ومؤسف فى المنصورة.. فتسمع عن حصار نحو 90 مواطنا من أعضاء الأحزاب الإسلامية داخل مسجد الجمعية الشرعية بشارع بورسعيد عقب وقوع اشتباكات بين الإخوان ومعارضى الرئيس.. ويؤكد شهود العيان أن الموجودين بالمسجد أغلقوا جميع أبواب المسجد من الداخل ووضعوا خلفها كل ما تمكنوا من وضعه لمنع اقتحامه، كما أن من بالخارج كانوا يرفضون اقتحامه أيضًا.. المهم أن الاشتباكات أدت إلى إصابة 243 شخصا ومقتل أحد المواطنين.
وتشهد مدينة طنطا أحداث عنف مماثلة ويتم مهاجمة مقر حزب الحرية والعدالة.
ويتعامل الجميع مع حدث 30 يونيو وكأنهم ذاهبون إلى حرب!
***
نظمت الأحزاب والقوى الإسلامية مليونية «الجمعة» تحت عنوان (الشرعية خط أحمر) وخلال مؤتمر صحفى أعلنت جماعة الإخوان أنها تتابع باهتمام التطورات التى تجرى على الساحة ناعية الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الشرعية.. محملة جبهة الإنقاذ مسئولية العنف.
وتسمع عن خطط الأحزاب والقوى الإسلامية فيتأكد لك أنها نذر المواجهة.. اعتصامات فى عدد من الميادين الرئيسية.. قمصان واقية من الرصاص يتم توزيعها على الشباب.. أوامر للشباب بكتابة وصيتهم والاغتسال قبل التحرك إلى الميادين (!!)
وعلى الجانب الآخر تسمع كلاما مشابها.. كلاما يؤكد أيضا أنها المواجهة.. سلاسل بشرية وحشود ولجان تفتيش وعشرة آلاف شاب لحماية المتظاهرين والدفاع عنهم وإصرار على حصار الاتحادية والاعتصام حولها حتى يأذن الله بالنصر(!!)
ووسط كل هذه الاستعدادات تسمع ما يثير رعبك وخوفك وقلقك على مصر ومستقبل مصر.. فقد كشفت مصادر أمنية بشمال سيناء أن الأجهزة الأمنية هناك استعدت لمواجهة سيناريو إغلاق سيناء من قبل متشددين قد يستغلون مظاهرات 30 يونيو لفرض سيطرتهم على شبه جزيرة سيناء!.. وأشارت المصادر إلى واقعة إطلاق صاروخ «جراد» من جهة غير معلومة فى وسط سيناء وكذلك تكرار الهجوم على معسكر الأمن المركزى برفح.. وربطت بين هذه الأحداث وبين خطط إغلاق سيناء!
***
يقول المَثَل.. كل الطرق تؤدى إلى روما.. فهل تؤدى كل مقدمات ومعطيات المشهد السياسى إلى العنف؟.. هل يتحقق سيناريو الدم؟!.
ادعوا الله ألا يتحقق!