الجميع منهمكون فى سباق جميل ومرير، فالشعب ينطلق منتشياً ليس فقط بانتصار شباب تمرد، وبتسابق الجميع للتوقيع، الذى هو بذاته إشهار لسحب الثقة من د. مرسى، واعتذار من جانب من وثق فى الوعود الإخوانية، وتكفير عن الخطأ بالاندفاع فى السباق نحو تحقيق الأمل المنشود، وهو إزاحة كابوس الإخوان، وهو تسابق رائع يسرع فيه الشعب الخطى لتحقيق أمجد انتصاراته فى التاريخ الحديث، وهو أن يزيح حكم طاغ باغ خال من الكفاءة ومن البراءة ومن القدرة والكفاءة، وخال من موهبة احترام الآخر، والاعتراف بأن الحديقة الوطنية إن لم تكن أزهارها متعددة الألوان، فإنها تستحيل شوكاً لا يدمى الوطن وحده، وإنما يدمى أصحابه من الأهل والعشيرة، ويكون قذى فى عيونهم، وفيما تمضى هذه المسيرة المجيدة مستلهمة التراث المصرى فى تعبئة الرأى العام ضد الحاكم الظالم والفاشل عبر العرائض والتوكيلات ومستعينة بالحديث الشريف «ثلاثة لا تقبل لهم صلاة الرجل يؤم القوم وهم له كارهون»، والناس بالفعل له كارهون.
ونتأمل الأرقام أعلن فوز – ولا أقول فاز – مرسى بنسبة 1.3% وذلك بغض النظر عن المطابع الأميرية، وأقلام الحبر المتطاير وكراتين الشاى والزيت والسكر وتدخلات أمريكا وتركيا وقطر، وتلال الأموال التى أنفقتها، ونتذكر أن رومنى، المرشح الجمهورى للرئاسة، أعلن أمام الكونجرس أن أوباما أرسل لمرسى 50 مليون دولار مساهمة فى معركته الانتخابية، وصمت أوباما وصمت مرسى، ولم يجرؤ أى منهما على تكذيب ما هو مؤكدة صحته، ورغم المنسحبين من مساندة مرسى بسبب الأخونة، وسوء الآراء، وسوء القصد وما يجرى فى سيناء والأنفاق والسولار والأسعار والخبز والفقر وانقطاع الكهرباء والنائب العام والقضاء، وهؤلاء المنسحبون مئات من الآلاف، وربما عدة ملايين فماذا بعد ذلك يتبقى لمرسى، خاصة أن توقيعات تمرد وصلت إلى أكثر 15 مليوناً، فبأى حق يتحججون بالصندوق؟
وعلى الساحة الأخرى يمضى الإخوان والعشيرة والمتأخونون والمنافقون والمستفيدون فى سباق مضاد. حجتهم الوحيدة هى الصندوق، وسعيهم الخبيث والمتعجل لترتيب الأمور لإجراء انتخابات لمجلس نواب على مقاسهم وتليق بهم، ولأن جلدهم سميك، وهذا باعتراف أحدهم، ولأنهم لا يهتمون لا بمصالح الوطن ولا بالديمقراطية، التى هى عندهم بدعة نصرانية، ولا بالرأى العام لأن الذى ليس معهم هو مفارق للجماعة، ويستحق اللعنة، بل هو كافر فى زعم بعض العشيرة، واستعداداً للانتخابات منحوا مقاعد المحافظين لرجالهم، لاسترضاء بعض من العشيرة، وبلغ سوء التدبير أن أتوا بواحد من الجماعة، التى قتلت عشرات من السياح السويسريين فى معبد حتشبسوت بالأقصر ليكون محافظاً هناك حيث الأصنام.
هل تريدون سوء قصد أكثر من ذلك؟ وفى الوقت ذاته يسعى مجلس الشورى الذى ولد سفاحاً بحكم «الدستورية» وبقى كمالة عدد لطرد 3500 قاض، وليس الأمر مجرد عداء لاستقلال القضاء، وإنما لاستجلاب قضاة من رعيلهم إخوان ومتأخونين ومؤلفة قلوبهم من المحامين، وحتى المحامون الواقفون على سلم المحاكم يستدرجونهم بكارنيه الحرية والعدالة، والحلم بأن يصبح قاضيا، وأقول لكم إن القوائم جاهزة ليكون هناك إخوانى مزور على كل صندوق بدلاً من قاضٍ شريف، والإداريون المشاركون فى العملية الانتخابية قوائمهم جاهزة، أما دراويش العشيرة وبلطجية الجهاز السرى فمكانهم أمام اللجان ليكملوا دائرة التزوير، وبذلك تأتى مصر إلى انتخابات صورية خالية من الصدق، وتكتمل حلقات إفسادها بكراتين الشاى والسكر، وبملايين الجنيهات المعدة لشراء الأصوات، والمخطط بسيط فليتظاهر من يشاء.
فقط نروعهم ونهددهم كى يتناقص عدد المتظاهرين ومن اعتصم، ليفسد المخطط ويضرب بحجة تعطيل الإنتاج، ويسرعون للانتخابات المزورة، ويقفون أمام عالم اكتشف زيفهم وشعب كرههم، معلنين الصندوق معنا، ناسين أن الانتخابات كلما زورت أسرعت بنهاية المزورين. أما الشعب فهو يسابق لإنهاء الأمر كله سريعاً جداً، كى يفسد تدبير أعدائه، والرهان أولا وأخيراً على الشعب.