[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
دعا الرئيس محمد مرسي أمس الشعب إلي الاستفتاء علي الدستور الجديد يوم السبت15 ديسمبر الحالي جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها عقب تسلمه مسودة الدستور من المستشار حسام الغرياني, رئيس الجمعية التأسيسية .
خلال لقائه مع أعضاء الجمعية بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر بحضور رئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء وكبار المسئولين بالدولة والشخصيات العامة.
وجدد الرئيس ـ في كلمته ـ الدعوة إلي فتح حوار وطني جاد حول هموم الوطن لإنهاء المرحلة الانتقالية بأسرع وقت ممكن.
وشدد علي أن مسودة الدستور عبرت عن كرامة الشعب المصري خير تعبير وقلصت من صلاحيات رئيس الجمهورية, بحيث لم يعد يستطيع حل البرلمان إلا بالاستفتاء, وإن لم يوافق الشعب علي الحل يستقيل الرئيس.
وأكد مرسي اعتزازه وتقديره للدور العظيم للقضاء المصري علي مدي تاريخه, خاصة في عهد الرئيس السابق ودورهم الكبير في التصدي لتزوير الانتخابات البرلمانية وإرساء العدالة كما أشاد بدور القضاة في الإشراف علي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي شهدتها البلاد عقب ثورة يناير المجيدة إلي جانب إشرافهم علي استفتاء مارس.2011
وفيما يلي نص كلمة الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية ـ التي ألقاها أمام أعضاء الجمعية التأسيسية عقب تسلمه رسميا المسودة النهائية للدستور المصري الجديد اليوم.
بسم الله الرحمن الرحيم ـ وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون.
إنه في هذا اليوم العظيم من هذا الوطن الكبير مصر وفي هذا اليوم الأغر من واقع مصرنا الحبيبة.. يسطر فيه الشعب المصري العظيم صفحة ناصعة جديدة في تارخ حضارته وكتابه ومجده بعد ثورته الكبيرة.. ثورة25 يناير.
إن المتتبع لمسار مصر الدستوري العريق الذي بدأ منذ ما يزيد علي175 عاما منذ أن أصدر محمد علي أول وثيقة شبه دستورية, يجد أن كفاح المصريين استمر من أجل الوصول إلي نظام دستوري مستقر يحقق الديمقراطية والعدل والكرامة الإنسانية.
دوما كانت أهم تلك اللحظات الدستورية تأتي في سياق ثورات شعبية ملهمة وموحية ونحن أمام هذه اللحظة الجديدة الكبري بعد ثورة يناير المجيدة التي لا تقتصر عظمتها علي مصر وشعبها ولكن تمتد تجربتها الفريدة بين شعوب العالم أجمع جغرافيا وتاريخيا وحضاريا.
إذا كنا نخطوا اليوم خطوة جديدة أخري في مجال استكمال الثورة, فلا يمكن لنا أن ننسي أبدا تضحيات شهدائنا الأبرار وكذلك مصابو هذه الثورة العظيمة وذووهم أيضا.. هؤلاء الشهداء الذين لولا دماؤهم الذكية ما كنا لنصل إلي هذا المشهد المهيب الذي نحياه الآن.
ورغم صعوبة المرحلة الانتقالية التي اوشكت علي الانتهاء, إلا أن إصرار المصريين علي إنفاذ إرادتهم ظل هو العنوان الأبرز وقاموا جميعا ليرسموا ملامح هذه المرحلة ابتداء من الخامس والعشرين من يناير بداية الثورة ومرورا باستفتاء19 مارس عام2011 ومرورا بالانتخابات البرلمانية بمراحلها المختلفة والانتخابات الرئاسية بجولتيها ليؤكدوا إصرارهم علي إنجاح ثورتهم.. المصريون مصرون علي المضي قدما إلي الأمام للوصل إلي اهداف هذه الثورة المجيدة.
إن هذه الجمعية التي وضعت هذا المشروع هي أول هيئة تأسيسية مصرية منتخبة طوال التاريخ الحديث حيث إن لجان وضع الدساتير السابقة في تاريخنا كانت معينة سواء كانت ملكية أو رئاسية.. فلم يكن في تاريخنا لجنة منتخبة وضعت مشروعا لدساتير سابقة وهو أمر له دلالة كبيرة, حيث تم اختياركم في ثلاث محطات ديمقراطية.. الاولي عبر الاستفتاء الذي جري في مارس عام2011 والذي حدد طريقة تشكيل هذه الجمعية, والثانية جاءت عبر انتخابات مجلسي الشعب والشوري والتي شارك فيها أكثر من32 مليون مصري.. والثالثة عبر انتخابات أجراها أعضاء البرلمان بغرفتيه الشعب والشوري المنتخبين, ثم مرت الجمعية التأسيسية بمراحل كثيرة عشناها جميعا لحظة بلحظة.. حيث حلت الجمعية الأولي بحكم قضائي وتشكلت الجمعية الحالية بعد أن اتفقت القوي الفاعلة في المجتمع المصري علي معايير عضويتها وتحديد أعضائها.
وقد شاركتم عبر ما يقرب من6 أشهر متصلة في صياغة مواد هذا المشروع بدرجات متفاوتة.. وكانت مناقشاتكم المستفيضة في كل الجلسات تقريبا تنقلها وسائل الاعلام علي الهواء مباشرة شاهدا علي المجهود الضخم الذي استهدف مصلحة الوطن ومستقبله, فلكم جميعا أتوجه بخالص الشكر والتقدير. ومن أراد ان يجزل لأخيه في العطاء فليقل له جزاك الله خيرا.. فجزاكم الله خيرا.
إن أحدا لا يستطيع ان يوفي هذه الجمعية حقها في الثناء علي ما قامت به من عمل رغم الظروف الصعبة والضغوط المستمرة عليكم سواء من شارك منكم حتي الجلسات النهائية أو من لم يشارك حتي النهائية.
وتحية خاصة للقاضي الجليل المستشار حسام الغيرياني.. وعظيم التقدير لتفانيه في هذا المشروع وما تحمله برئاسته للجمعية التأسيسية الكثير والكثير.
إن مشروع الدستور هو صناعة ايديكم في الجمعية وثمرة أفكاركم وحصيلة حوار مجتمعي ممتد وعميق شارك فيه كل اطياف الجماعة الوطنية المصرية في جميع ربوع مصر وخارجها مصريون في الخارج ايضا أخذت آراؤهم وتم الالتقاء وضمت هذه الآراء معكم كما أعرف وأتابع أعمالكم.
لقد حققت مسودة الدستور التي تابعتها كما تابعها الملايين من الشعب المصري عبر وسائل الإعلام, الطموحات المأمولة في اتجاهات عديدة من بينها أنها أكدت علي سيادة الشعب وحقوق وحريات المصريين.
فالكرامة بمقتضي هذا المشروع أضحت حقا لكل إنسان يعيش علي أرض مصر حتي وإن لم يكن مصريا وهذه سابقة في كل دساتير الأرض.
كما اعتمدت المواطنة كمبدأ رئيسي حاكم لكل مواد الدستور يساوي بين الجميع دون تمييز بين المصريين بسبب المعتقد أو النوع.. ولأول مرة في تاريخ مصر ينتصر الدستور لإرادة الشعب, فتقلصت صلاحيات رئيس الجمهورية.
ولم يعد يستطع رئيس الجمهورية حل البرلمان إلا بالاستفتاء, فإذا كانت نتيجة الاستفتاء بالرفض وجب عليه أن يستقيل, وذلك مع صلاحيات توسيع السلطة التشريعية بغرفتيها ليس بمحاسبة القائمين علي الأمر في البلاد فحسب ولكنها طالت أيضا آلية تعديل الدستور ذاته.
وهو ما تبدي في تمكين خمس أعضاء البرلمان من اقتراح التعديلات علي الدستور وبذلك تضع آلية تعديل ديمقراطية يشترك الشعب ممثلا في مجلس نوابه وعبر الاستفتاء في تغيير ما يراه ضروريا من مواد الدستور وذلك استجابة للظروف والمطالب الجديدة.
فالدساتير تولد وتعيش بإرادة الشعوب.. كم كنا نحلم نحن المصريين عقودا طويلة بأن يكون الشعب بحق مصدر السلطة وهذا ما تابعته ورأيته في النصوص التي أذكرها من مشروع الدستور.