فى ميغة التشابك الذى لا معنى له بين الصحفى عبدالرحيم على والمهندس نجيب ساويرس، قرأت مقالا مريضا، مليئا بكل الذبذبات السلبية، بالموجات الضارة، حسد، حقد، غضب من كل خلق الله، الذين يسمون أنفسهم رجال أعمال، كما يقول المقال. بصراحة كدت أقتنع بما تناوله الكاتب. هؤلاء البشر لابد من وأدهم. ياريت يكون فى المهد. بمعنى أن أول ما تظهر على أى شخص علامات التميز والطموح، ولاسيما إن بدا عليه اتجاه، والاتجاه للمشاريع الخاصة، خصوصا علامات الانحراف نحو الاستثمار، نلقى به فى اليم، فى البحر، فى غيابات الجب. ممكن أيضاً عمل جهاز للكسب المشروع. تكون مهمته حبس هؤلاء الذين لا تثبت ضدهم مخالفات فى الكسب غير المشروع. ممكن أيضاً يتم تعيين مرافق لكل رجل أعمال من أحد الأجهزة الرقابية. يعد عليه حركاته وسكناته وصفقاته. يتقاضى كل مليم بالنيابة عنه. ثم يعطيه مصروفه فى نهاية اليوم.
أنا أتصور أن هؤلاء الناس من الكياسة والفطنة والذكاء لدرجة تجعل هروبهم من مثل هذه الرقابة ممكنا. فى هذه الحالة ممكن تجميعهم فى أحد المعسكرات إلى أن (يتعفنوا) أو (يحمضوا) أو (يروحوا فى ستين داهية). البلد مش ناقصة. القطاع الخاص يعمل به 80% من العمالة. وإيه يعنى. يضافوا إلى الـ10% الموجودة. تبقى البطالة 90%. ولاد ستين فى سبعين دول لازم يوزعوا فلوسهم على كتبة المقالات لتطهيرها. لازم يعملوا موائد رحمن يومية لأصحاب العيون الحمرا حتى يسلموا من أذاهم. كنت أتصور أن الإتاوات تدفع لبلطجية الشوارع فقط. أتارى فيه بلطجية من نوع آخر فى زمان ما بعد 25 يناير.
أيها السادة. فى الوقت الذى تقدم فيه كل دول العالم بلا استثناء تسهيلات واسعة تهدف إلى جذب رؤوس الأموال، سواء من الداخل أو الخارج. الأمر لدينا أصبح غريبا فى الآونة الأخيرة. هناك من دعا بكل جهل طبعا إلى قصر الاستثمار على المحلى فقط. هناك من يدعو بكل عبط إلى مصادرة هذه الأموال لإنقاذ مصر على حد تعبيرهم. هناك من يرى إن بلاها رجال أعمال، إحنا كدة كويسين، إلى أن جاء أخونا المشار إليه. جمع كل هذه الضغينة والجهل والعبط فى آن واحد.. آى والله.
استمرار الحالة هذه سوف يسفر فى النهاية عن كوارث. أخشى أن يكون هذا ما يأمله المحرضون. نقل نشاط رجل الأعمال إلى أى بقعة فى العالم لم يعد إجراء شاقا. تصفية أى نشاط والانتقال إلى مكان آخر أكثر أمنا هو إجراء يومى تشهده مواطن عديدة الآن. كم خسرت مصر تحديدا من مثل هذه الأعمال التحريضية والعدوانية. أحيانا كانت عن جهل. أحيانا أخرى عن كراهية وأحقاد. أحيانا ثالثة عن عمد. لحاجة فى نفس يعقوب! هذا أخطر ما فى الموضوع.
يجب أن نعترف. رغم أن دورهم واضح فى خدمة المجتمع. رجال الأعمال يعملون الآن تحت ضغوط وتهديدات غريبة. أمراض الانتقام والغل أصبحت تمتلك أقلاما وبرامج تليفزيونية. محاولات شحن وتأليب الرأى العام لا تتوقف. الابتزاز والمزايدة على التبرعات عوامل مشتركة. لكن إلى متى. المبرر دائما هو عبدالناصر. لا أحد يشكك فى مقاصد الرجل، فى نيته، ولكن النتائج أكدت أن وسائله لم تحقق المقاصد، بل العكس تماما. هذا وفى باقى أنحاء العالم الذى اعتمد هذه الوسائل، الجميع رجع عنها. بعد كل هذا هنا من يدعو لتبنيها من جديد.
أعتقد أن الأمر يحتاج إلى طمأنة قوية وصريحة من القيادة السياسية. يحتاج إلى موقف موحد من رجال الأعمال بعدم الخضوع للابتزاز. يحتاج إلى مسؤولية أكبر تجاه الوطن من القائمين على أمر أجهزة الإعلام. لا يمكن أن يستمر البعض فى استغلال هذه الأجهزة لتحقيق مآربهم فى الهدم والشر.
إذا لم يحدث ذلك. خللوهم فى برطمانات