قرأت مرات عن متفجرات تم العثور عليها داخل الجامعة. جامعات كثيرة. قنابل بجانب كلية الحقوق، كلية الآداب، بجانب جامعة الأزهر. المتوقع أن تعثر إلى جانب أى كلية على كتاب، تعثر على مذكرة، جهاز كمبيوتر منسى. أصبح هذا هو المكان الذى تجد فيه ألغاماً وقنابل ومتفجرات. لابد أن يكون ذلك سؤالاً للجميع، سؤالاً للأساتذة والطلبة، لعقول مصر: كيف هذا؟ لماذا؟
خرج التطرف من الجامعة فى السبعينيات. خرج الإرهاب من الجامعة فى الثمانينيات. غادر العقل الجامعة منذ وقت بعيد. أصبحت منبرا للفكر الفوضوى، للأيديولوجية المتطرفة. الأساتذة المتمدينون تخبطوا، تبنوا الفكر الأحفورى، تركوا الأفكار الحديثة، هجروا التطوير، تحولوا إلى أصوليين، نتج عن هذا صراع أصوليات. يسار ضد تطرف دينى. كلاهما تطرف. تبنى الناصريون حلماً بعيداً. لم تقترب الجامعة منذ عقود من أى أفكار عصرية، أصبحت معرضاً للأفكار السلفية، بأنواعها. تبدأ داخلها الأمراض المجتمعية، المخدرات، الانفلات، التطرف، الإرهاب، وصلتها المتفجرات. لم يكن هذا شاذاً عن القاعدة.
جامعة الأزهر حرقوا فيها سيارات الأساتذة. عوقب طلاب بالفصل. عوقب أساتذة بالتحقيق. الأساتذة تطرفوا ويشاركون فى الإرهاب، مثل الطلبة. ماذا تنتظر إذن من الطلبة. الأساتذة رب بيت يضربون بالدف والتحريض. العادى بالتالى أن يتم تدمير المكاتب، أن تحرق المنشآت، أن تعطل الامتحانات. الذين يفترض فيهم الحفاظ على الجامعة يدمرونها. الأساتذة قبل التلامذة. ليست هذه مشكلة ناتجة عن أزمة الإخوان الآن. تدفع الجامعة ثمن تحولها عن مهمتها. تدفع ثمن تغيبها عن العصر والواقع. تدفع ثمن إصابتها بالتخلف. كان يفترض أن تكون الجامعات منارة للتحضر. الجامعات الآن يجب ألا تسمى بذات الصفة.
لم تحل الدولة مشكلات التدمير الآتية من الجامعات. لم تحسم قرار إدارة أزمة الطلبة. طالت الأزمة. طمع الإخوان فى الساحات المغلقة عليهم. موقع مهم مؤمن له أسوار للإعلان عن المواجهة. لا يمكن لقوات الأمن أن تقتحم الجامعة إلا بإذن. لا يمكن لأحد أن يقترب من الحارقين. أول عقوبة تعرض لها طلاب مشاغبون إدارياً كانت قبل أيام فى جامعة الأزهر. تمتع الإرهاب بالجامعات أشهراً. وضع فيها بنيته التحتية. استخدمها فى تخزين ما يريد. تحريض من يريد. حين قررت الدولة الحسم، ظهرت القنابل إلى جانب أسوار الكليات.
سوف تنتهى أزمة الإخوان. سوف تعبر الجامعات أزمة طلبة الإخوان. عبرت من قبل أزمة طلبة التطرف. عبرت أزمة الطلبة الناصريين. سوف يتبقى فى نهاية الأمر جامعة لم تتطور، تخرج ألوفاً من الطلبة بلا عقل. خارج الزمن. شهادات فارغة. عقول غير ناضجة.