لم يخرج تقرير هيومان رايتس ووتش عن فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة عما توقعته، فهو يتبنى وجهة نظر واحدة، بل إنك حينما تقرأه تشعر وكأنه تقرير صادر عن مكتب إرشاد جماعة الإخوانى الإرهابية، لما به من تقولات غير ثابتة إلا فى عقول الجماعة وأنصارهم. التقرير الذى قرأته بالكامل بدءاً من مقدمته التى تصف مرسى بالرئيس المنتخب الذى عزله الجيش، وانتهاءً بتوصياته التى تتعامل مع مصر كدولة فاقدة الأهلية القانونية، هو فى الأساس دليل على إدانة من كتبوه، لأنهم تخلوا عن المهنية والحيادية التى من المفترض أن يتسموا بها فى كتابة مثل هذه التقارير، وكشف عن حقيقة القائمين عليه، خاصة حينما دعا الدول الأعضاء بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى إنشاء لجنة تقصى حقائق للتحقيق فى كل انتهاكات حقوق الإنسان بعد 30 يونيو، وهى دعوة صريحة ومفضوحة للتدخل الدولى فى مصر تستوجب محاكمة من شارك فى كتابة هذا التقرير، خاصة من المصريين لأنهم خانوا مصر حينما سعوا إلى استعداء العالم ضد بلدهم مصر. لا أخفى عليكم أننى ندمت كثيرا، لأن أضعت وقتا طويلا فى قراءة تقرير أقل ما يقال عنه إنه منشور سياسى كتبته قيادات الإخوان الهاربين فى لندن وقطر وتركيا، وأن هذا المنشور خضع لمراجعة دقيقة من أجهزة مخابرات أدخلت عليه تعديلات لكى يخرج بهذا الشكل المهين للمنظمة التى من المفترض أنها دولية ومستقلة. نعم ندمت لما فيه من تدليس وكذب وافتراء، حتى حينما يصل إلى الاتهام بإطلاق النار من الإخوان المعتصمين فى شارة رابعة يقول إنهم كانوا قلة، لكن الغالبية الساحقة كانوا عزل، فى محاولة لتثبيت فكرة سلمية الاعتصام، على عكس ما كشفت عنه تصريحات قيادات الاعتصام أنفسهم ممن لم يتناولهم التقرير بالطبع، لأنه إذا ما رصد تصريحات صفوت حجازى ومحمد البلتاجى وغيرهما لوجد فيها الكثير الذى سيعينه فى الوصول إلى الحقيقة التى أراد التقرير تغييبها عن العالم.. حقيقة، إن الاعتصام لم يكن أبداً سلميا بشهادة قادته. التقرير أيضا تجاوز فى حق تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان الذى وضعه ناصر أمين، وشكك فى التقرير وقال: «إن به أوجه قصور منهجية لا يستهان بها تقوض مصداقية نتائجه إلى حد بعيد»، وهذا التشكيك هدفه وأد أى صوت آخر يخالف عقيدة وفلسفة من قاموا بكتابة هذا المنشور الإخوانى المسمى بتقرير هيومان رايتس ووتش.