لا يمكن اعتبار الزيارة التى يقوم بها حاليا وزير الخارجية نبيل فهمى للعاصمة الروسية موسكو على أنها خطوة لوضع الدب الروسى بديلا للولايات المتحدة الأمريكية، لأننا إذا فكرنا بهذا المنهج سنخسر كثيرا، والخسارة هنا لا تتعلق بخسارتنا لواشنطن، وإنما ستقودنا إلى خسارة روسيا فى الأساس، لأن المسؤولين الروس لن يقبلوا بأى حال من الأحوال أن يكونوا استبن لأحد، ترتكن إليه مصر حينما تغدر بها واشنطن، وتتركها حال عودة الوفاق بين القاهرة وواشنطن.
المسؤولون الروس أذكى من ذلك حتى وإن كانوا يسعون لاستغلال أخطاء واشنطن فى المنطقة، لذلك فإن الأفضل لنا فى مصر أن نتعامل مع روسيا على أنها أحد الخيارات الهامة أمام صانع القرار المصرى، فبدلا من أن يكون الخيار أمامنا وحيدا وممثلا فى الولايات المتحدة، يجب أن نعدد الخيارات ما بين روسيا والصين والهند والبرازيل واليابان ودول أخرى.
الزيارة لها أهمية خاصة بعيدا عن فكرة اختيار بديل لواشنطن، فروسيا بدأت تتواجد بقوة فى قلب الملفات الإقليمية الملتهبة وتحديدا الملف السورى الذى نجحت الدبلوماسية الروسية فى اختراقه بمبادرة وضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت الرقابة الدولية، ومن الأفضل أن يكون هناك تنسيق بين البلدين فى هذه الملفات.
ومن أهم الملفات التى يجب أن يكون حولها نقاش ما بين القاهرة وموسكو هو مسألة مكافحة الإرهاب، أخذا فى الاعتبار أن روسيا أدرجت جماعة الإخوان المسلمين فى 28 يوليو 2006 ضمن قائمة ضمت 17 منظمة تصنفها كإرهابية، وبالتالى فإنها تتفهم طبيعة الأوضاع الأمنية الأخيرة فى مصر، والإرهاب الذى مارسته وتمارسه الجماعة ضد المصريين، ومن مصلحة روسيا أن تساعد مصر فى سعيها لخلق رأى عام دولى يقف ضد إرهاب الإخوان، على الأقل لحماية السياحة الروسية التى تفد لمصر كل عام.