كنت ضيفاً على حفل إفطار قبل أيام، وكانت أحاديث السياسة هى بالطبع شاغل الجميع، وفى القلب منها كانت الانتخابات البرلمانية المقبلة.
طرحت قضية انتخابات مجلس النواب نفسها مرتبطة بأسئلة كثيرة من بينها، ماذا سيكون شكل التحالفات الحزبية الانتخابية المقبلة؟، كم تحالف متوقع سيخوض الانتخابات؟، ما هو السر فى تمسك حزب الوفد فى أن يخوض المعركة تحت اسمه هو؟، هل ستخوض جماعة الإخوان الانتخابات أم لا؟، وإن قررت المشاركة فكيف ستخوضها؟، وما نصيب الفلول فيها؟، هل حقا سيحصدون الأغلبية؟.
كان لكل سؤال من هذه الأسئلة نصيبا وافرا من الآراء، غير أن قضيتين كانتا محل اهتمام كبير وهما، هل ستتدخل الدولة فى الانتخابات؟، هل سيكون عمرو موسى هو رئيس مجلس النواب المقبل، وإلى أى حلف سينضم؟، ولماذا تتعامل التحالفات معه بكل هذا الحرص على أن يكون بين صفوفها؟.
فى قضية التحالفات وعددها، كانت هناك آراء بأن حزب الحركة الوطنية بقيادة أحمد شفيق وحزب المؤتمر هما الأقرب الى بعضهما من حيث أن الاثنين يعتمدان على كوادر الحزب الوطنى المنحل، وبحكم هذا التقارب الفكرى والسياسى، فمن المنطقى أن يكون التحالف بينهما، وهناك تحذير بأن تباعدهما سيرتب خسائر متبادلة، لأن أصل القواعد الحزبية لهما واحد، كما أن العديد من الوجوه المتوقع ترشيحها على قوائم الحزبين بعضهم خاض الانتخابات سابقا باسم الحزب الوطنى، أو كان عضوا فى الحزب وخاض الانتخابات كمستقل، وفى حال تنافس هؤلاء سيكون آخرون هم الرابحون.
تحدث معظم الحاضرين عن احتمالات خوض جماعة الإخوان للانتخابات، ففيما رأى البعض ومن واقع رصدهم لما يجرى فى دوائرهم بأنه لا يوجد أى ملمح لنشاط انتخابى لأحد كوادر الجماعة أو حتى المتعاطفين معها،وبالتالى فإن القول بأن الجماعة ستخوض الانتخابات يحمل مبالغة كبيرة، غير أن هناك من تحدث عن أن «الجماعة» ستدفع ببعض عناصرها غير المعروفة حتى تواصل معركتها باستثمار فرصة المناخ الانتخابى.
فى الحديث عن احتمال تدخل الدولة فى الانتخابات، كانت هناك وجهة نظر قيلت فى النقاش وتستحق التأمل وهى، أن الدولة ستتدخل فى التوجيه، وفى الوقت الذى ستتم العملية بإشراف قضائى، وحرية الدعاية، وضمان نزاهة التصويت، سيكون هناك توجيه ما من الدولة نحو قوائم بعينها ومرشحين فرديين، وحجة الذين يطرحون هذا الرأى أنهم يؤكدون أنه لا يمكن ترك مجلس النواب المقبل «سمك لبن تمر هندى»، فالمرحلة لا تسمح بذلك، كما أن «الرئيس» يريد مجلسا يسانده فى توجهاته، ولا يريد مجلسا يعرقله، وبناء على ذلك فإن أجهزة الدولة سيكون لها دور فى التوجيه غير المحسوس بالنسبة للناخبين، وجرت العادة أن تساند الدولة مرشحاً فى مثل هذه الظروف بتسهيل جميع الخدمات العامة والشخصية للمرشح.
وعزز الذين يطرحون هذا الرأى قولهم بالربط بين محاولات كل التحالفات لجذب عمر موسى إلى صفوفها، وبين أن هناك رغبة منسوبة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى ليكون موسى رئيس مجلس النواب المقبل، وبالرغم من أن «الرئيس» لم يذكر ذلك تلميحاً أو تصريحاً، إلا أن هناك من يمرر ذلك.