أحد قيادات ما يسمى بـ«المجلس الثورى» الذى تكون منذ يومين خارج مصر، ويضم قيادات من جماعة الإخوان بالإضافة إلى آخرين، كتب أنه استطاع النوم بعد 3 أيام قضاها فى تشكيل المجلس وانتخابات أماناته العامة، وذلك فى إشارة منه قد يفهم منها أنه تكبد معاناة بالغة لإنجاز المهمة لأن «مجلسه» يعانى من زحام المشاركين فيه، وأن الجماهير فى الداخل رهن إشارته، ورهن إشارة الخارج، والحقيقة أنه لا هذا ولا ذاك.
أذكر أن من كتب شاكيا قلة النوم أنه كتب نفس الشكوى منذ 30 يونيو أكثر من مرة واحدة، مرة كانت بعد سفره إلى تركيا لتدشين قناة فضائية للإخوان، وأخرى كانت بعد كذبته الكبيرة باغتيال «السيسى»، وتصعيده لهذه الكذبة حتى أنه ظل ساهرا الليالى مراهنا عليها، وعملا بمبدأ «هو فيه حد النهاردة بيفتكر» يظن أن الناس نسيت فعلته الشنعاء.
هذا مدخل ينبئ بما سيكون عليه «المجلس الثورى» وهو فشل كبير، ليس لفقر قضيته وفقط، وإنما لفقر القائمين عليه، والشاهد ما يذكره صاحب شكوى «قلة النوم»، كما يسند هذه النبوءة قدر من الإطلالة التاريخية على كل أشكال المعارضة التى تكونت فى الخارج ضد نظم الحكم فى مصر، منذ جمال عبد الناصر مرورا بـ«السادات» ثم مبارك، وفشلت جميعها فى ترك بصمة على الداخل، لسبب بسيط أن المصريين يجلون ويحترمون معارضة الداخل الوطنية والمسؤولة، لأنها وحدها هى التى تدفع الثمن، ويمكن أن نعدد عشرات الأمثلة الدالة على ذلك، ففى عهد عبد الناصر، خرج إخوان وغير إخوان إلى أوروبا ودول عربية أخرى ولم تفعل شيئا، وفى عهد السادات خرج بعض أطياف اليسار خاصة بعد زيارة السادات إلى القدس عام 1977، إلى أوروبا والعراق وسوريا وليبيا، وأسسوا إذاعات وصحف، ولحق هؤلاء تهمة أنهم عملوا مع أنظمة عربية، فى الوقت الذى كانت معارضة الداخل تتواصل ووصلت ذروتها بحملة 5 سبتمبر عام 1981 والتى اعتقل فيها السادات معظم رموز المعارضة، أما فى عصر مبارك فلم نر إلا أشكالا كرتونية من معارضة الخارج منها «جبهة الإنقاذ» التى كونها فى لندن «ياسر سرى» وكان هاربا من أحكام بالإعدام لضلوعه فى عمليات إرهابية، ولما عاد بعد ثورة 25 يناير، عينه مرسى فى المجلس القومى لحقوق الإنسان، وكان رصيد هذه الجبهة عدة بيانات تصدرها لزوم التواجد.
الحاصل من هذه الإطلالة التاريخية، أن معارضة الخارج لا تترك بصمتها على الداخل، وبالقياس فإن الفشل نتيجة حتمية لما يسمى بـ«المجلس الثورى الإخوانى» الذى طير النوم من عين أحد مؤسسيه.
منذ ثورة 30 يونيو تعددت التكوينات الإخوانية، أخذت مرة اسم «مصريين من أجل الديمقراطية»، ومرة اسم «الوفد المصرى للدبلوماسية الشعبية»، وأخيرا يأتى اسم «المجلس الثورى»، تتغير المسميات وتتكرر نفس الوجوه مع تعديلات طفيفة، والحصيلة «صفر».
اللافت فى الأسماء التى اشتمل عليها «المجلس الثورى» هو وجود اسم مها عزام المتواجدة فى بريطانيا كرئيس له، وهذا يعنى أن الفكرة فى حد ذاتها موجهة إلى الخارج فى المقام الأول، وهو ما يطرح تساؤلا حول، هل لذلك علاقة بالتمويل؟