محسن سالم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

محسن سالم

منتدى دينى سياسى عسكرى رياضى قصصى
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 لحظة المواجهه بقلم عبد المنعم سعيد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 5120
تاريخ التسجيل : 03/09/2012

لحظة المواجهه بقلم عبد المنعم سعيد Empty
مُساهمةموضوع: لحظة المواجهه بقلم عبد المنعم سعيد   لحظة المواجهه بقلم عبد المنعم سعيد Emptyالأحد يناير 19, 2014 3:35 am

فى مطلع شهر سبتمبر الماضى قال لى الدكتور القدير: دعنا نسمى الأمور بأسمائها، إن لديك المرض (الخبيث) وعلينا أن نتعامل معه بهذه الطريقة. لا أدرى لماذا لم أشعر بأى قدر من المفاجأة، بل أشفقت على صاحبى أن يتحمل الضغط العصبى لكى ينقل لى الخبر، ومع ذلك سألته: كم بقى لى من العمر، وجاءت الإجابة من خمس إلى ست سنوات. شعرت ساعتها بقدر من الارتياح فهذه السنوات الطوال تكفى وزيادة من العلم والمعرفة لكى يكون فيها لكل حادث حديث، وقبل وبعد كل شىء فإن الأمر بيد الله سبحانه وتعالى. كانت المشكلة أن الموضوع جاء فى وقت كانت فيه «أجندتى» مزدحمة للغاية فقد كان لدى رحلتان طويلتان بالولايات المتحدة، وعدد من الرحلات الأخرى، بالإضافة إلى عملى فى «المصرى اليوم»، وكتاباتى الأسبوعية بالإضافة إلى ما يستجد من أعمال تفرضها الساحة المصرية المتقلبة. ومع ذلك لم يكن هناك مفر من المواجهة، ولا توجد مواجهة بدون معرفة، كما لا توجد معرفة بدون علم. وبينما بدأت أتبحر فى موضوعات طبية دقيقة، وأراجع بدايات المرض الذى اكتشفت أول مراحله مع عام ٢٠٠٩، وكان رأى الأطباء أيامها هو المراقبة والمتابعة فقط ولا غير، والآن حانت ساعة المعركة بعد ثلاث سنوات من الانتظار. انتهى البحث بى إلى أن علاجى أو بالأحرى إدارة المرض بحيث لا يندفع إلى مراحل خطيرة، تستدعى الذهاب إلى الولايات المتحدة حيث أقيم الآن، فى مدينة هيوستن بولاية تكساس بالجنوب الأمريكى.

بالطبع فإن هذا المقال ليس مخصصا لعرض أمر شخصى، وإن كنت لا أجد غضاضة بعد أربعين عاما من الكتابة المستمرة، أن يتحمل القارئ معى بعض الأوجاع. فما وجدته أن الجسد البشرى، والأوطان، وربما الكون والأكوان أيضا، خلقت وحكمت من خلال مجموعة من النظم المستقرة التى إذا ما تعرضت لخلل كان المرض أو التحول من حالة إلى أخرى. ومن أجل ذلك، وربما لم تكن هناك صدفة، أن مدينتى الجديدة تحتوى على مؤسسة «ناسا» الأمريكية الخاصة بالفضاء بما فيه من أقمار وكواكب ومجرات ونجوم؛ كما تحتوى على أكبر مجمع طبى للعلاج والبحث. كلاهما، «ناسا» والمجمع الطبى يشكلان صناعة كاملة، وتجارية بالمناسبة، ولكنها معنية بكل ما هو متناه فى الصغر (الخلايا والجينات)، وحتى المتناهى فى الكبر (الكون). ولكن ما يجمع بينهما هو مقاومة الموت والفناء ومساعدة الحياة والبقاء ومساعدة الإنسان على تحقيق أكبر قدر ممكن من السعادة، أيا كان ذلك معناها الرضاء أو الحصول على قدرات للحركة والاتصال والوصول، لم يعرفها أحد من قبل فى التاريخ الإنسانى. فى كليهما تجتمع البيولوجيا والتكنولوجيا فى تعقيد وبساطة معا، فتتركب الظواهر والنظم من أجل الكشف والاستكشاف، والتعريف والعلاج؛ ولكن لابد من تبسيط يستطيع العقل البشرى استيعابه.

ومن الجائز بالطبع أن نعتبر «صناعة المستقبل» هذه أمرا يخص دولا وأمما وعوالم أخرى، ولكن ربما كانت هذه نقطة الاختيار التى تجتازها مصر الآن، وكان التصويت بنعم على الدستور هو أول الجمل فى رواية طويلة، أو أول الخطوات على طريق الألف ميل، أو إدارة المحرك فى طائرة إما أن تنطلق إلى السماء أو تنفجر بصدام مع واقع مر كما كاد أن يحدث ذلك مرارا خلال السنوات الثلاث الماضية. وببساطة فإن الآلام المصرية قبل ٢٥ يناير ٢٠١١ تولدت من تناقض فج بين تراث «ثورة يوليو» فى طبعتها المباركية، وما بين الإصلاحات الاقتصادية التى جرت منذ عام ١٩٩١ التى ولدت حراكا سياسيا واجتماعيا لم يعد يتحمل هذا التراث من هيمنة للدولة على المجتمع والمواطن، فكان لابد له من صدام مدو. وقد كان، وعرفنا عهدا للثورات لم تكن تعرف ما سوف تهدمه، ولا ما سوف تقيمه، وكانت النتيجة ليس فقط وصول الفاشية الإخوانية للحكم- كما حدث تماما مع هتلر من خلال صناديق الانتخابات- لكى تقيم نظاما لدولة دينية هذه المرة تسيطر وتهيمن على البشر عقولهم وقلوبهم وأجسادهم ووجدانهم بنظام محكم للسمع والطاعة. جاء حكم الأهل والعشيرة لكى يقيم حكما أشد قسوة مما كان، وأكثر عنفا مما حدث، ولكن الكارثة كانت أقل خيالا ومعرفة وطموحا وحلما مما كان. قلت ذلك ذات مرة لأحد أقطاب الإخوان المسلمين ممن استشعرت معهم أن لديه إدراكا لطبيعة الهاوية التى تسير إليها مصر، فكانت إجابته أنهم ليسوا- يقصد القيادة- Exposed، ومع التفاصيل وجدت أن القيادات الإخوانية «الحقيقى» لم يكن لديها ثقافة المعرفة بالعالم وما يجرى فيه. كانوا جماعة محلية فقيرة الفكر والمعرفة، ومن كان منهم على علم، كانت الأيديولوجية تكفى لكى تحجم العقل، ولا تبقى فيه إلا انتهازية فجة. وكان لابد من ثورة، وكان هذا ما جرى فى الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، والتى كانت موجة ثورية أخرى تسترد الإرادة للشعب مرة أخرى وتعطيه فرصة أخرى لصناعة المستقبل كما كان مطلوبا فى يناير من قبل، ولكنها كانت بهذا المعنى نقيضا لها فى ذات الوقت لأن القوى «الثورية» لم يحدث قط أن كان لديها توجه نحو «صناعة جديدة» للمستقبل المصرى. كان لديها غضب وسخط على «نظام مبارك» ولكن اختيارهم لإدارة البلاد كانت من قلب هذا النظام ومن أقل عناصره كفاءة؛ وكان لديهم رغبة فى استرداد حق الشهداء ولكن بطريقة تضمن زيادة أعدادهم بطريقة مستمرة، وكان لديهم رغبة أكيدة فى سيادة إرادة الشعب، ولكنهم عملوا بطرق ماهرة على تفتيتها طوال الوقت. وفى أعقاب ثورة يناير مباشرة كان هنا ٢١٦ ائتلافا وحركة ثورية، والآن لم يعد أحد قادر على العد أو الحصر.

الآن أصبح على مصر بعد إجازة الدستور بأغلبية كاسحة مواجهة ذات اللحظة التى كان على أن أواجهها شخصيا منذ شهر سبتمبر الماضى: المواجهة أو النكوص. المسألة ببساطة هى هل نعود إلى ما كنا عليه من طرق مسدودة، وتحلل مؤسسى، وقيادة لا تعرف كيف تقيد هيمنة الدولة، ولا كيف تستجيب لحراك اقتصادى واجتماعى كبير؛ أو أن نعرف أننا لسنا بسبيلنا إلى إعادة صناعة الماضى وإنما إلى صناعة المستقبل. قلنا إن ما لدينا من خريطة للزمن القادم له علاقة بالمستقبل وليس الطريق إليه، وهو ما يعنى أن نعرف تحديدا ذلك المستقبل الذى نسعى إليه. ورغم أحاديث وحوارات وشجارات كثيرة فإننا لم نتطرق إلى الموضوع بجدية حتى الآن؛ فكان منا من ظن أن الديمقراطية هى الحل، ومن ثم فهى التى سوف تولد من خلال آلياتها رؤيتنا إلى ما سوف نسعى إليه. ولكن الديمقراطية ليست إلا نظاما للحكم، يقف ما بين الاستبداد من ناحية، والفوضى من ناحية أخرى؛ فهو يمكن أن يجنح من خلال صناديق الاقتراع إلى أقصى درجات الفاشية والاستبداد كما حدث فى روسيا وألمانيا وإيران ومصر أيضا؛ كما يمكن أن يجنح إلى الفوضى، وقد عرفنا مباشرة الكثير منها خلال عهد الثورات الأخير.

الديمقراطية فى الأول والآخر محتوى ومضمون يتيح للعقل الإنسانى أن يخرج أفضل ما فيه من قدرة على الإبداع والابتكار والاختيار، ويعطى للكفاءة والعمل قدرهما الذى يستحقانه فى بناء مستقبل البشر. وفى بلادنا فإن الخطر على الديمقراطية يأتى من ناحيتين: الأولى النفاق الذى أعطى لحاكمنا مكانا بين الآلهة والبشر فكان الفراعنة؛ والثانية أن تحل البيروقراطية محل المؤسسات ومن ثم يكون استبداد. كل ذلك يحتاج إلى تفاصيل، فصلناها من قبل، وسوف نفصلها أكثر فيما بعد، ولكن خطوة إجازة الدستور هى البداية التى سوف تفصل ما بين العودة إلى طريق الموت أو نصل معا إلى الحياة ذات الحيوية والعنفوان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohsensalim.mountada.net
 
لحظة المواجهه بقلم عبد المنعم سعيد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» جيل جديد آخر بقلم عبد المنعم سعيد
» الخروج من الأزمة الكبرى! بقلم عبد المنعم سعيد
» سباق السيسى مع الزمن بقلم عبد المنعم سعيد
» اختراق حاجز الصوت؟! بقلم عبد المنعم سعيد
» الخطيئة الأصلية فى المسألة الإخوانية بقلم عبد المنعم سعيد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
محسن سالم :: الفئة الأولى :: منتدى مقالات كبار الكتاب(دينيه عسكريه رياضيه)-
انتقل الى: