الشيوعية طريق طويل يبدأ من الرأسمالية وينتهى إلى الرأسمالية».
تأمل هدى عبدالناصر فى صدام قريب بين الدولة وأصحاب رؤوس الأموال امتداداً لما فعله الأب. حرَّضت فى مقال طويل بـ«المصرى اليوم» قائلة: على الدولة أن تحدد المبلغ الذى تحتاجه للخطة الاقتصادية الجديدة. وأن تقوم بفرض إجراءات (قانونية) على أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة لتوفير هذا المبلغ.
أضافت: إن الصدام مع الرأسمالية المستغلة سيحدث لا محالة. والدولة أقوى. ممتلكاتهم رهينة فى يد الشعب. إذا لم يقوموا بدورهم الفعال فى الاستثمار الوطنى. فلا مناص من اتخاذ الإجراءات العنيفة. وأذكّرهم بالماضى القريب.
كارثة أن يوجد على وجه الأرض من لا يزال يفكر بهذه الطريقة. كارثة أن يصل التربص بأصحاب رؤوس الأموال إلى المجاهرة به إلى هذا الحد. نحن هنا لسنا أمام فكر اشتراكى أو شيوعى أو من أى نوع. أقل ما يقال إنها مسألة نفسية بحتة نتيجة فشل الأب فى تحقيق أهدافه. فشلت مثل هذه الأفكار فى العالم أجمع. كان الفشل ذريعاً. كنا نتوقع أن يتوارى المنظرون. أصحاب هذه الأفكار أصبحوا يعيشون حالة من الخجل فى كل دول العالم. فى مصر فقط أجدهم يتنفسون الصعداء فى هذه المرحلة. لا أدرى لذلك سبباً.
حتى بعد تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى حول الاقتصاد الحر أرى أن التحريض مازال مستمراً. الرئيس يؤمن بالملكية كما قدَّستها الأديان. وكما عرَّفها القانون. الرئيس يدرك ماذا قدم رجال الأعمال فى السابق وماذا يقدمون الآن. الرئيس طمأن أصحاب رؤوس الأموال بما فيه الكفاية سواء على أموالهم أو على أعمالهم.
هو يعلم ما سوف يكون عائد الاستثمار المطمئن على المواطن. على الجانب الآخر لم يبخل رجال الأعمال لدينا تجاه وطنهم فى أى من المراحل. وجدوا مصالحهم متطابقة مع الصالح العام. لا يعقل استمرار عمليات التحريض هذه طوال الوقت بما يسبب إحباطاً للمستثمرين حتى من خارج الوطن.
عبدالناصر نفسه كان حسن النية عندما قام بكل هذه الإجراءات. حسن النية وقليل الخبرة. انتهج اقتصاداً رومانسياً تجاهل فيه الطبيعة البشرية. لم تكن نتائج التجربة الاشتراكية فى العالم أجمع قد ظهرت بعد.
أى عاقل يمكن أن يقبل بتعبيرات مثل (أموالهم رهينة فى يد الشعب) (لا مناص من استخدام الإجراءات العنيفة). مثل هذه الأفكار اللعينة هى التى أعاقت تقدم مصر على مدى ستة عقود. هى عمر ما تسمى ثورة ١٩٥٢. على كل المستويات تقدمت الأمم من حولنا ونحن «محلك سر»؛ لسبب رئيسى هو أننا لم نفهم أن الاشتراكية تبدأ من الرأسمالية وتنتهى إليها. كان يجب أن نعى أن ذلك هو التطور الطبيعى للأشياء. العقول المتحجرة كان يجب أن تساير النظريات العالمية. هكذا حدث فى كل مكان. إلا أنها ارتبطت لدينا بالحالة النفسية. رفض الاعتراف بالفشل. ربما ارتبط ذلك ببر الوالدين.