للأسف طفح الكيل بالفعل وأصبحت الحالة مزرية، ويتحول الإعلام المصرى من سيئ إلى أسوء "إلا من رحم ربى" فلن أنسى هذه الجملة التى دوما ما تنقذنى من ذنب التعميم فهناك بالتأكيد الجيد وإن كان نادرا.
فكم سطرت فى مثل هذه المساحة نقدا لاذعا للإعلام الحالى وعبرت أنه أصبح آفة المجتمع والأسوأ على الإطلاق بعد ٣٠ يونيو . وطالبت من كل المسئولين والعاقلين فى هذا المجال أن يتخذوا أى إجراء إصلاحيا مناسبا قبل فوات الآوان ولكن لا حياة لمن تنادى، فلا أعرف الآن كيف يكون الإصلاح بعد ما آلت إليه الحالة هل ما زال يحق لنا أن نطالب بميثاق شرف إعلامى أم أصبح لا يجدى!!! هل إنشاء نقابة ووضع لوائح وقوانين صارمة سيساهم فى إنقاذ الإعلام من حالة التردى المستفحلة هذه أم لا، بالفعل لا أعلم!
فالأمر فاق ما كنا نتحدث عنه من قبل "رغم أنه مستمر ولا يتوقف" من تشويه وتخوين وإلقاء تهم دون دليل واستقطاب واستحكار صكوك الوطنية وكل من ليس معك فهو خائن وعميل وجاسوس وانعكاس هذا الأداء الإعلامى على المجتمع المصرى وتفشى مثل تلك الأمراض نفسها فى الشارع المصرى، فكما تقول المقولة الشهيرة لوزير الإعلام النازى جوزيف جوبلز فى زمن هتلر "أعطنى إعلاما بلا ضمير أعطيك شعبا بلا وعى". وللأسف شهد الإعلام تطورا فى الأداء من حيث الحرص على اختراق الدستور وانتهاك مواده بانتهاك خصوصية الأشخاص فلم يقتصر على الصندوق الأسود فقط بل تطور إلى الغرف المغلقة، وذلك هو عنوان برنامج يذاع حصريا فى شهر رمضان الكريم!
وطبعا لم يدهشنا هذا الإعلام فى استمرار فشله فى تغطيته الإعلامية للانتخابات الرئاسية الماضية التى تعد هى الأسوأ فى تاريخ التغطيات الإعلامية للانتخابات المصرية والتى تمثل جزءا منها فى الانتقال بسرعة البرق من تسول مصوتين وناخبين وتخوين المواطنين الذين تأخروا أو قاطعوا الانتخابات إلى أنه بقدرة قادر وفى خلال ساعات قليلة أصبح أكبر عرسا ديمقراطيا انتخابيا!
ولا أجد من الألفاظ والعبارات ما أستطيع أن أصف به إعلام يصف التحرش بأنه فرحة مواطنين، ويغلق السماعة فى وجه سفير ودبلوماسى له مكانته ومن دولة مثل دولة أثيوبيا فى هذا الوضع الراهن بين الدولتين، ويمدح ويشكر قوات الاحتلال الإسرائيلية، ويعلق على قتل المواطنين فى غزة ( ما يموتوا إيه المشكلة !) ويسب ويقذف دولة أخرى شقيقة ويتهمها بأن النسبة الكبرى من اقتصادها قائم على الدعارة! وطبعا إعلامى دولة المغرب لم يفرق معهم إطلاقا أى نوع من أنواع الاعتذار وردوا الإهانة بسلسلة من الإهانات المتتابعة وكيف نلوم عليهم أو حتى ندافع عن أنفسنا فنحن من أشعلنا فتيل الأزمة!! فالاعتذار بالطبع فعل محمود ولكن ليس مع تكرار نفس الخطأ مرارا وتكرارا، فليست الواقعة الأولى للإعلامية من سب وقذف وإساءة ولكن كانت موجهة للمصريين من قبل، أى مصرى أو مجموعة من المصريين يختلفون فى وجهة نظرهم مع الإعلامية الشهيرة كان ينالهم قسطا محترما صباح كل يوم متنوعا بين السب والقذف والاتهام بالعمالة والتخوين والجاسوسية وما إلى ذلك من عبارات صباحية ناهيك عن الصوت العالى والشخط والنتر المستمر طوال الحلقة. وانتهت بوقف ظهور المذيعة فى البرنامح والقناة والحمد لله ولكن ما أخشى منه أن نكون علينا أن ننتظرها مع الإعلامى عمرو أديب الذى استقبل الإعلامية التى أحدثت الأزمة الدبلوماسية وأعطاها مساحة جديدة لنوع جديد من الأزمة لا نعلمه بعد! فهنا نجد أن حل ومواجهة الكوارث والأزمات الإعلامية هو أكثر بعدا عن العقل والمنطق من الكوارث نفسها فنجد أن الحل هو أن تنتقل الإعلامية من قناة إلى قناة أو من قناة إلى الراديو، فيالا سخرية القدر من مثل تلك الحلول الواهمة! ووسط هذا السواد وجب على أن أشيد بموقف صاحب قناة أون تى فى ومديرها اللذان نقلت عنهم الصحف أنهما عنفا المذيعة بشدة وأجبروها على الاعتذار وعدم الظهور مرة أخرى، ولكن ننتظر منهم أكثر من ذلك لمواجهة مثل تلك الأخطاء فى الأيام القادمة.
ومؤخرا كان الحدث الجلل للإعلام المصرى الذى تبلمت أمامه القنوات الفضائية وهو حادث استشهاد جنودنا بالوادى الجديد والذى لم يأخذ أى رد فعل لفترة ليست بالقصيرة بعد إعلان الحدث واستمر فى عرض مسلسلات وبرامج رمضان وكأن شيئا لم يحدث. منهم من تدارك هذا العته الإعلامى بعد فترة وأوقف عرض المسلسلات والبرامج حدادا ومنهم من اكتفى بالشارة السوداء على شاشته وهذا بالتأكيد التزاما بالمبالغ الباهظة التى دفعت مقدما للإعلانات التى هى جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة الفاشلة وبالفعل كانوا جميعا (لا أعلم هل تعبر جملة إلا من رحم ربى عن أحد هنا أم لا) يستحقون الهاش تاج الذى أطلقه نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى هذا اليوم ( فين الحداد يا قنوات العار)!
فهل كل ما سبق عرضه لا يستوجب أن يدرك أى مسئول بداية من رئيس الجمهورية نزولا بأى مسئول له سلطة فى هذا المجال أن يفعل أى شىء أن يأخذ أى إجراء تجاه تلك المنظومة التى أصبحنا جميعا نعانى منها فليس هناك طرف مع، وطرف ضد الكل أصبح ضد باختلاف الأسباب والتوجهات, أغيثوا الشعب المصرى من إعلام بلا ضمير.