كل واحد في هذا البلد آمن، حتى لو كان ينتمى إلى جماعة الإخوان، إلا إذا خرج على القانون. مصر سوف تعتمد على الاقتصاد الحر ولا جدال في ذلك. لن أترك حجراً إلا وأبحث خلفه عن أموال لمصر. لن أحصل من أحد على أي تبرع رغماً عنه. هكذا طمأن الرئيس عبدالفتاح السيسى رجال الأعمال في لقاءين وديين بهم خلال أقل من أسبوع. ما لا يقل أهمية هو ما تعهد به الرئيس بإحداث طفرة اقتصادية مصرية، على غرار الطفرة البرازيلية، والطفرة الأرجنتينية. وهو ما يؤكد أن هناك خارطة طريق اقتصادية للمستقبل، في طياتها آمال واسعة انتظرها الشعب المصرى طويلا.
لا شك أن رجال الأعمال كانوا في حاجة إلى طمأنة في هذه المرحلة المرتبكة. كانوا في حاجة إلى أن يسمعوا هذا الكلام من الرئيس شخصيا. رأيت الوجوه قد اختلفت سماتها بالفعل بعد اللقاء. تحدث الجميع بصراحة. طرحوا رؤيتهم للمستقبل بوضوح. كانت الشفافية أهم ما يميز اللقاءين. الصدق كان واضحا من البداية حتى النهاية.
طرحت ثلاث قضايا على قدر كبير من الأهمية: أولاها أهمية أن يكون هناك بنك للأراضى، كجهة واحدة يمكن التعامل معها في هذا المجال، بدلا من البهدلة والتشتت، وللحفاظ على أهم ما لدى مصر من ثورة وهى الأراضى وحسن توظيفها. ثانيتها تحديد مبكر لأسعار الطاقة لتصحيح اعوجاج قائم بالفعل. مع الأخذ في الاعتبار أن ما حدث من تصحيح هو في حدود العشرة في المائة الأولى. أي أن الطريق مازال شاقا، وهو ما يجب توضيحه لأى مستثمر قادم ليكون على بيّنة من الأمور. ثالثتها الضريبة على مدى عشرين عاما مقبلة. يجب أن تكون واضحة، محددة، لا تقبل العبث أو المغامرة. في ضوء أسعار الطاقة الجديدة.
هناك من بين رجال الأعمال من كان محددا الاقتراحات، وهناك من أطلق الوعود، وهناك، وهناك، إلا أن المحصلة النهائية كانت بناء مزيد من الثقة بين أصحاب الأعمال وصانع القرار. وهو الأمر الذي إن شابه مجرد شرخ أو اهتزاز. فإن الضرر يطول الجميع. وأولهم المواطن الذي لا حول له ولا قوة. ومن هنا تأتى أهمية مثل هذه اللقاءات ودوريتها. وأهمية تذليل العقبات التي تواجه رأس المال بالأسواق، محلياً كان أو أجنبيا. النتيجة واحدة في النهاية. وهى صالح الوطن والمواطن.
كانت هناك مرحلة ينظر فيها المجتمع إلى رجل الأعمال أو المستثمر نظرة سلبية. وكان ذلك لأسباب مختلفة. أهمها ما قام به بعض وسائل الإعلام في هذا الشأن من تشويه متعمد. ربما لايزال بعضه مستمراً. لأسباب سيكلوجية وتربوية بحتة. أضف إلى ذلك بالفعل أن هناك من بين رجال الأعمال من أساءوا لأنفسهم وللمجتمع في آن واحد. وهو ما يجب أن نعترف به.
القضية هنا. هي أننا على أبواب مرحلة جديدة من تاريخ مصر المعاصر. يجب أن تسودها الثقة. وأن يكون محورها العمل الجماعى. تشعر خلالها كل الأطراف بالأمن والطمأنينة. وهو ما أكد عليه الرئيس. إلا أن البيروقراطية وشيوع المسؤولية وعدم وضوح الرؤية تبقى قضايا رئيسية تؤرق أصحاب رؤوس الأموال. وهو الأمر الذي نأمل في تجاوزه خلال الفترة القليلة القادمة. وإلا سوف نكون كمن يحرث في الماء.