صادفت فى شبكة الإنترنت رسالة لمحمد بديع، مرشد جماعة الإخوان، سمعتها فى فيديو على اليوتيوب. أعتقد أنها سجلت خلال أى من جلسات المحاكم التى تجرى هذه الأيام. أحدهم وضع أمامه الهاتف وقال عبارتين. خاطب الشعب المصرى. قال إن الشعب يقف فى صلادة فى مواجهة حكم الجيش. أضاف بعض العبارات الدينية. انقطع التسجيل بعد دقيقه. يبدو أن الحراس فاجأوه فلم يتمكن من أن يقول شيئاً. يبدو أنه فوجئ بالتسجيل.. لم يكن فى ذهنه شىء يقوله!
كان محمد بديع يحكم مصر، علناً ومن خلف ستار. تحول إلى مجرد شخص يريد أن يسرّب رسالة. لا يعرف ماذا يريد أن يقول فيها. لو كان يحرض فإنه فشل. لو كان يريد أن يساند أعضاء جماعته، فلم أجد فيما فعل مساندة، بل رسالة تنقل الإحباط. لو كان يريد أن يثبت الشجاعة والثبات، فإنه فشل. هل كان يريد أن يبلغ رسالة فيها نوع من الشفرة؟ لا أعتقد. مجرد كلام سجله. تحفيز بلا نتيجة. تشجيع بلا شجاعة. تنشيط لم يحرز نتيجة.
لم يفهم الإخوان الدرس حتى الآن، أو ربما يكابرون. أنا أعتقد أن تلك هى قدراتهم. لو خرج محمد بديع من السجن فإنه لن يعرف ماذا يمكن أن يفعل غير الانتقام. سأفترض أنه روى احتياجه للدماء وروى شعوره بالغل. ماذا بعد. هل لدى الإخوان بديل؟ هل لدى الجماعة ما يمكن أن تطرحه لكى تقنع المصريين بأنهم أخطأوا حين أزاحوهم من الحكم؟ رسالة بديع تقول إنه لا يدرى. الآخرون معه لا يدرون. الآخرون خارج السجن ليس لديهم جديد. مظاهرات. طوب. إرهاب. شتائم ضد المصريين. اتهامات.
طبعاً عانى الإخوان من صدمة. أكبر من صدمة. هزيمة تاريخية كبرى. أستوعب أنهم فى حالة تخدير بسبب تلك الصدمة. لا يدرون ماذا يفعلون غير أن يمارسوا العنف والإرهاب. أوهمتهم الجماعة أنهم يقاومون سلطه ظالمة. لا يريدون أن يصدقوا أن الشعب كله يرفضهم. يقنعون أنفسهم بأن الشعب مضلل. الإعلام يمارس ضده التغييب. مجموعة من الناس تعيش فى قوقعة. إذا خرجت منها ألقت قنبلة ثم عادت إلى القوقعة. هم فى هذه الحالة لم يتغيروا، لم يفكروا، لم يتعاملوا مع حقائق مصر. ضخوا الدماء والمال فى شرايين الإرهاب.
لو خرج بديع نفسه. ليس فقط سرّب رسالة. لو خرج محمد مرسى، ثم عاد إلى القصر، أصبح حاكماً من جديد. لو عاد لخيرت الشاطر نفوذه. لو أصبحت مصر فى قبضة قطر. لو جاءت حماس لكى تعاون بميليشياتها حكم الإخوان. لو زار أوباما مصر كل أسبوع مرتين. لو صمت كل المصريين. لو هاجر كل من لا يقبل وجود الإخوان. لو تم سجن جميع المعارضين تمهيداً لإعدامهم. لو حدث كل هذا.. لن ينجح الإخوان فى حكم مصر!