شهدت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة في أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، أحداثًا ساخنة في ثاني جلسات محاكمة الرئيس المعزول، محمد مرسي، و٣٤ آخرين من قيادات جماعة الإخوان، في قضية التخابر مع جهات أجنبية، حيث طلبت النيابة العامة توقيع أقصى عقوبة على المتهمين، بينما التزم مرسي الصمت داخل القفص للمرة الأولى، وظل جالسًا معظم الوقت على مقعده داخل القفص، ولم يتحدث إلى المحكمة إطلاقًا، واكتفى برد التحية على بقية المتهمين أثناء دخوله القفص.
بدأت الجلسة في الحادية عشرة و45 دقيقة باعتلاء هيئة المحكمة المنصة برئاسة المستشار شعبان الشامي، وتلا تامر الفرجاني، رئيس نيابة أمن الدولة، أمر الإحالة، وقال إن النيابة العامة تتهم المتهمين جميعًا، من المتهم الأول حتى الـ35، بأنهم في الفترة بين عام 2005 وأغسطس 2013 تخابروا ضد البلد في تنفيد أعمال إرهابية داخل البلاد، بغرض إشاعة الفوضى.
ونسبت النيابة العامة إلى المتهمين تهم التخابر مع منظمات أجنبية خارج البلاد، بهدف ارتكاب أعمال إرهابية داخل البلاد، وإفشاء أسرار الدفاع عن البلاد لدولة أجنبية، ومن يعملون لمصلحتها، وتمويل الإرهاب، والتدريب العسكري لتحقيق أغراض التنظيم الدولي للإخوان، وارتكاب أفعال تؤدي إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها.
وذكرت النيابة في أمر الإحالة أن التنظيم الدولي للإخوان نفذ أعمال عنف إرهابية داخل مصر، بغية إشاعة الفوضى العارمة بها، وأعد مخططًا إرهابيًا من ضمن بنوده تحالف قيادات جماعة الإخوان مع بعض المنظمات الأجنبية، وهي حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، الذراع العسكرية للتنظيم الدولي للإخوان، وحزب الله اللبناني وثيق الصلة بالحرس الثوري الإيراني، وتنظيمات أخرى داخل البلاد وخارجها تعتنق أفكارًا تكفيرية متطرفة، وتقوم بتهريب السلاح من جهة الحدود الغربية عبر الدروب الصحراوية.
وأضافت أنهم دبروا وسائل تسلل عناصر من جماعة الإخوان إلى قطاع غزة عبر الأنفاق السرية، وذلك بمساعدة عناصر من حركة حماس لتلقي التدريب العسكري وفنون القتال، واستخدام السلاح على يد عناصر من حزب الله اللبناني، والحرس الثوري الإيراني، ثم إعادة تلك العناصر، بالإضافة إلى آخرين ينتمون إلى تلك التنظيمات إلى داخل البلاد.
وأوضحت النيابة أن المتهمين اتحدوا مع عناصر أخرى تابعة للجماعات التكفيرية المتواجدة بسيناء، لتنفيذ ما تم التدريب عليه، وتأهيل عناصر أخرى من الجماعة إعلاميًا بتلقي دورات خارج البلاد في كيفية إطلاق الشائعات وتوجيه الرأي العام لخدمة أغراض التنظيم الدولي للإخوان، وفتح قنوات اتصال مع الغرب عن طريق دولتي قطر وتركيا.
وأشار ممثل النيابة إلى أن التنظيم الدولي وبعض البلاد الأجنبية دعموا قيادات جماعة الإخوان بمصر بتحويل الأموال اللازمة لهم لتنفيذ المخطط الإجرامي، وخلق الفوضى بالبلاد، حيث بدأ ذلك المخطط عام 2005 واستكملت حلقاته إبان ثورة يناير 2011 لاستغلال الأحداث بالبلاد، إذ تم الاعتداء بالأسلحة النارية على قوات الأمن والمواطنين في أنحاء متفرقة، لخلق حالة فوضى، والإضرار بالأمن القومي المصري.
وأضاف أن المتهمين رصدوا المنشآت الأمنية في شمال سيناء، تمهيدا للسيطرة عليها، وإعلانها إمارة إسلامية في حالة عدم إعلان فوز المتهم محمد مرسي العياط في الانتخابات الرئاسية، وأن المتهمين عصام الحداد وأحمد عبدالعاطي ومحمد رفاعة الطهطاوي وأسعد الشيخة ومحيي حامد، خلال فترة عملهم برئاسة الجمهورية أفشوا العديد من التقارير السرية الخاصة بهيئة الأمن القومي والمخصصة للعرض على رئيس الجمهورية، بتسريبها لقيادات التنظيم الدولي بالخارج، وقيادات الحرس الثوري الإيراني، وحركة حماس، وحزب الله اللبناني، كمكافأة على تنفيذ تلك العمليات الإرهابية، وما قدمته تلك التنظيمات من مساعدات لصالح جماعة الإخوان بمصر حتى تولت مقاليد السلطة.
وقال إن عددًا من تلك التقارير السرية تم تسريبه عبر البريد الإلكتروني الخاص برئاسة الجمهورية، وبعلم المتهم محمد مرسي، على نحو ترتب عليه الإضرار بالأمن القومي المصري.
وتابعت النيابة تلاوة أمر الاحالة بأنه في أعقاب عزل محمد مرسي من منصبه، وتغير المشهد السياسي، سارعت جماعة الإخوان وتلك العناصر الإرهابية السابق ذكرها بتنفيذ تفجيرات واعتداءات ضد القوات المسلحة والشرطة بسيناء، بهدف إرهاب الشعب المصري، وإثارة الفوضى والنيل من استقلال البلاد وسلامة أراضيها ووحدة المواطنين، وإشعال الفتن الطائفية بينهم في سبيل إشعال الحرب الأهلية بمصر، قاصدين من وراء ذلك عودة الرئيس المعزول، وإعادة قبضة جماعة الإخوان على البلاد.
وبعد إنهاء «الفرجاني» تلاوة أمر الإحالة طلب من المحكمة تطبيق مواد الاتهام على المتهمين بتوقيع أقصى عقوبة عليهم، فيما نادى المستشار شعبان الشامي على المتهمين المحبوسين، كل على حدة، وكانوا يردون بأن قرار الإحالة باطل، وطالبوا بمحاكمة النيابة، بينما رفض «مرسى» وعدد من المتهمين الرد على المحكمة، ما دفع «الشامي» إلى سؤالهم: «أنتم مش بتردوا ليه؟»