قال لى الصديق محمد البدرى، سفيرنا فى موسكو: إن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أخجلنا جميعاً، حين أهدى المشير عبدالفتاح السيسى «الجاكت» الروسى ذا النجمة الحمراء، وقام بنفسه بمساعدته فى ارتدائه فى حضورنا.
والحقيقة أن حديث السفير حول هذا الموضوع الذى شغل بال الرأى العام، عند نشر صورة المشير مرتدياً «الجاكت» المذكور - يعيد إلى الأذهان ذكرى الزيارة البائسة التى قام بها الرئيس السابق محمد مرسى إلى موسكو، والتى استقبله فيها عمدة المدينة، رغم أنه كان رئيس الدولة، فقد سبق تلك الزيارة طلبات متكررة من الجانب المصرى للقاء الرئيس الروسى، لكنها لم تلق حماساً واضحاً من الجانب الروسى، ثم حين تم اللقاء بعد عدة أشهر لم يحقق النتائج المرجوة منه، ولم تلق بعض طلبات الرئيس المصرى قبولاً، وكان فى مقدمتها إخراج جماعة الإخوان من قائمة التنظيمات الإرهابية، والتى أوضح الجانب الروسى أن الدولة لا تملك تلبية هذا الطلب، لأنها لم تكن الجهة التى أصدرت القرار، وإنما كانت المحكمة الروسية العليا هى التى أصدرت حكماً فى هذا الشأن ولا تملك الدولة إلغاءه.
إن الزيارة الناجحة التى قام بها المشير السيسى لموسكو، والتى رافقه فيها وزير الخارجية نبيل فهمى - جاءت كنتيجة مباشرة لثورة30 يونيو التى طالبت باستقلال القرار السياسى حين هتفت «يسقط يسقط حكم المرشد» رافضة إلا أن يكون قرار الرئيس حراً لا يتم اتخاذه فى مكتب الإرشاد.
من هنا، فقد كان غريباً أن تنتقد المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية انحياز الرئيس الروسى للإرادة الشعبية فى مصر، والتى عبرت عن تأييدها لترشح المشير السيسى رئيساً للجمهورية، باعتباره تدخلاً فى الشأن الداخلى المصرى، فى الوقت الذى كانت فيه المتحدثة، مارى هارف نفسها هى التى أعلنت فى اليوم السابق أن الولايات المتحدة على اتصال دائم بالإخوان فى مصر، وأن هذا الاتصال مع الجماعة التى أسقطها الشعب سيستمر بشكل منتظم، وكأن هذا ليس تدخلاً فى الشأن الداخلى المصرى.
إن تصريحات بوتين جاءت متوائمة مع الإرادة الشعبية فى مصر، فاعتبرتها المتحدثة الأمريكية تدخلاً غير جائز فى الشأن الداخلى المصرى، بينما لم تر فى مسلك بلادها الذى يتحدى تلك الإرادة الشعبية مثل هذا التدخل.
فى جميع الأحوال، فإن نتائج رحلة موسكو، التى تعتبر أهم رحلة سياسية بعد ثورة 30 يونيو، ستكون لها أبعاد عسكرية وسياسية غاية فى الأهمية، كما ستفتح الباب واسعاً على الصعيد التجارى أيضاً، وقد جاء «الجاكت» الروسى رمزاً للتقارب الجديد بين الجانبين.