من خصائص السباق الرئاسى الذى لم يبدأ رسمياً بعد، أن المرشحين الواضحين حتى الآن يرتبطان بشكل آو بآخر فى وجدان المواطنين بجمال عبدالناصر، فالمشير عبدالفتاح السيسى، الذى ينتظر أن يعلن ترشحه فى مطلع الشهر المقبل، يمثل فى ذهن الكثيرين إحياء لزعامة عبدالناصر فى تعبيره عن إرادة الجماهير وتبنيه مطالبها، وفى تصديه لمن يسعون لفرض سيطرتهم عليه باسم الدين، وفى تحديه للقوى الخارجية.
أما حمدين صباحى، الذى أعلن ترشحه بالفعل، فهو أبرز الزعامات الناصرية فى جيل أبناء عبدالناصر، فقد ارتبط بالناصرية وعبر عنها منذ كان صبياً فترشح كناصرى فى انتخابات اتحاد الطلبة ثم مجلس الشعب من بعده، ثم الانتخابات الرئاسية عام 2012.
ومن المحتمل أن سباق الرئاسة سيشهد متسابقين آخرين خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لكن المؤكد حتى الآن أن عبدالفتاح السيسى وحمدين صباحى سيظلان المتنافسين الرئيسيين فى حلبة السباق، وهو ما يعنى أن عبدالناصر الذى تعرض لهجوم ضار بعد وفاته، خاصة خلال فترة حكم الرئيس السادات، قد عاد الآن بقوة إلى صدارة المشهد السياسى، ترتفع صوره وحده فى ميدان التحرير إلى أن أصبحت تشاركها صور السيسى بعد 30 يونيو، وتهتف الجماهير بشعاراته وحده الخاصة بالعدالة الاجتماعية وبالكرامة الإنسانية.
واليوم ونحن على أعتاب مرحلة تاريخية جديدة، وضع الدستور قواعدها الأساسية، نجد المرشحين الرئاسيين وقد يكونان الوحيدين ينتسب كل منهما إلى عبدالناصر كل بطريقته، فبينما يرفع حمدين صباحى لواء الناصرية عالياً نجد أن الجماهير هى التى خلعت على السيسى رداء الناصرية بمحض إرادتها.
ومن الغريب أن ذلك كله يأتى بعد رحيل عبدالناصر عن المشهد السياسى بـ45 عاماً، شهدت البلاد وشهد العالم خلالها تغيرات وتحولات هائلة يبدو أنها لم تؤثر فى تلك الزعامة التاريخية، التى أصبحت اليوم هى المعيار الذى يرتضيه الشعب لأى زعامة مقبلة.