كان عمرو موسى، هو المرشح الرئاسى الوحيد، الذى طرح برنامجاً انتخابياً مكتوباً فى انتخابات الرئاسة عام 2012، وكان برنامجه واضحاً، ومحدداً، وواقعياً، وكان بيننا ملايين وقتها، يتمنى كل واحد فيهم من قلبه لو نجح الرجل فى سباق الرئاسة، وراح يجسد برنامجه فى الواقع الحى على الأرض، لولا أنه قد حصل ما حصل!
وأهم ما فى البرنامج الانتخابى المكتوب، فى مثل هذه الحالة عموماً، أنك كناخب تستطيع أن تحاسب صاحبه عليه، عند نهاية فترته الرئاسية، وتستطيع أن تقول له: أنت وعدت بـ«كذا» تحديداً.. ولكنك لم تفعله، ولذلك، لا تستحق أن يجدد فيك الناخبون الثقة.
وبما أننا مقبلون على تجربة مماثلة هذه الأيام، وبما أن المشير السيسى هو فرس الرهان فى هذه المعركة، تماماً كما كان «موسى» فى معركة مضت، فإن ما ننتظره حين يعلن الرجل ترشحه رسمياً، أن يفعل ذلك، وفى إحدى يديه برنامج انتخابى مكتوب يجرى طرحه لنقاش عام يمتد ما امتدت أيام المعركة قبل يوم الاقتراع.
والشىء المؤكد أن هناك أشخاصاً يعكفون، الآن، على وضع ملامح برنامج من هذا النوع، كما أن الشىء المؤكد أيضاً، أنهم كادوا ينتهون من صياغته فى صورته النهائية.
وليست هناك، حتى هذه اللحظة، أى تسريبات حول برنامج المشير، أو حول مضمونه، ولهذا، فإذا كان لى أن أشير بشىء فى هذا الاتجاه، فسوف أشير بأن يكون التعليم هو أصل هذا البرنامج، وهو بدايته، وهو نهايته، وهو عموده الفقرى من مبتدئه إلى منتهاه.
لقد تعبنا على مدى سنوات مضت من الكلام فى هذه القضية، دون أن نصادف مردوداً من جانب أصحاب المسؤولية، يتوازى مع ضرورتها، كقضية فى حياتنا.. ولو أن الذى يضع برنامج المشير الانتخابى راح يتطلع، فى كل صباح، إلى ما تنشره الصحف، عما يجب أن يكون فى برنامجه، لصادف أفكاراً كثيرة مطروحة بالمجان، فى انتظار من يلتقطها، ويتبناها، ويحولها من مجرد فكرة هائمة فى رأس صاحبها، إلى كيان من لحم ودم.
مثلاً.. اقترح زميلى «نيوتن»، صباح الخميس الماضى، أن تكون للجيش مدارسه، التى قطعاً ستكون مدارس من طراز رفيع، لو أن المؤسسة العسكرية استغلت فيها إمكانات تملكها فعلاً، وبالتالى، فالفكرة، لو جرى تنفيذها، لن تكلف المؤسسة شيئاً يُذكر!
إن القوات المسلحة تملك أندية ضخمة وفخمة فى كل مكان، وهى أندية يغلب عليها النشاط الليلى فى المناسبات الاجتماعية المختلفة، وتبقى شبه عاطلة عن تقديم خدمة حقيقية فى النهار، وسوف يكون مفيداً للغاية، لأبناء أفراد الجيش، سواء كانوا ضباطاً، أو جنوداً، أن يبدأ التفكير فى استغلال أندية كهذه، فى القيام بمهام تعليمية فى أثناء النهار، وسوف يكون مفيداً للغاية أيضاً، أن يكون ضباط الفنية العسكرية المتقاعدون عناصر فاعلة فى تقديم مثل هذه الخدمة، بحكم الكفاءة العالية لكل واحد فيهم.
الفكرة جديدة، وقد تكون غريبة، ولكن ما أحوجنا إلى أفكار من نوعها فى أيامنا هذه، وبشكل خاص فى حقل التعليم، وهى كفكرة يمكن تطويرها، بالحذف منها، أو الإضافة إليها، لأن المهم أن نفهم، أن التعليم لا تقع مسؤوليته على الحكومة وحدها، وأنه لابد أن يكون هماً لدى الجميع فى اليقظة وفى المنام.