أيام تفصلنا عن اعلان أسماء المرشحين المحتملين للرئاسة، يزداد خلالها اشتعال الجدل حول الشخصية الأنسب لهذا المنصب، وتتراوح الترشيحات بين الوجوه القديمة المحروقة أمثال د. عبدالمنعم أبو الفتوح ود. محمد سليم العوا وحمدين صباحى، وبين المشير عبد الفتاح السيسى والفريق سامى عنان، رئيس أركان القوات المسلحة السابق، الذى بدأ يتردد اسمه بقوة كمرشح للإخوان وظهير بارز لهم بعد مباركة التنظيم الدولى له ودعمه ماديا ومعنويا وإعلاميا، إذ يعتبر الفريق سامى عنان الرجل المناسب لقيادات التنظيم فى الخارج والذى يستعد بدوره لوضع خطة تخص المجتمع المصرى والمصريين فى الخارج من مؤيدى الإخوان لمساعدة الفريق عنان فى الترشح، فضلا عن أنه الضامن الأساسى لبقائهم فى الحياة السياسية، فيما تعمل حملة ترشح الفريق عنان فى الخفاء منذ فترة وتنظم الفعاليات والمظاهرات الميدانية للحشد له، وتعد ببرنامج انتخابى غير مسبوق سيفاجئ الجميع .
فهل تتساوى كفتى الميزان بين المشير والفريق؟ ومن أين أتت كل هذه الثقة لمؤيدى الفريق عنان بأنه الرجل الذى سيكتسح الانتخابات ويفاجئ الجميع ؟!
ومن أين جاءته الثقة بأن الشعب سينتخبه وهو الرجل الغامض الذى لا نعرف عنه شيئا أكثر من أنه رجل امريكا الأول، وحليف الإخوان وكاتم أسرارهم والشاهد على مؤامراتهم؟
ورغم زعم حملة عنان بقدرة الرجل على الفوز وامتلاكه قاعدة جماهيرية شبابية كبيرة، يظل اسم المشير عبدالفتاح السيسى هو الأقوى فى بورصة الترشيحات، فهو مرشح الشعب الذى أجمع عليه ورهن مستقبله وحياته به، فقد حصد المشير السيسى أكبر نسبة تأييد من القوى الثورية التى يراهن عليها المرشحون الآخرون وبالذات الفريق عنان الذى يعقد لقاءات سرية، ويقدم الوعود البراقة لجذب الشباب وكسب ود الثوار لدعمهم له وتحسين صورته فى الشارع السياسى المصرى .
من حق المشير التزام الصمت على الأقل حتى الإعلان الرسمى لتقدم المرشحين رغم مواجهته ضغوطا شعبية هائلة للإذعان لرغبة الجماهير وصلت إلى حد التهديد من جانب المتحدث الرسمى لحملة "كمل جميلك" برفع دعوى قضائية إذا رفض الترشح للرئاسة، ومطالبته وإلزامه بذلك رغما عن إرادته، وفى المقابل، أعلنت جبهة مؤيدى السيسى عن اعتصام أمام قصر الاتحادية لحين قبول المشير الترشح لرئاسة الجمهورية، مؤكدين أنهم سيقومون بالتصعيد حال رفضه الترشح، فهو الشخص الأصلح والأقوى والأجدر بهذا المنصب، فى ظل الأوضاع السياسية غير المستقرة التى تمر بها البلاد، فضلا عن دعم بعض الحركات الثورية وتأييدها لترشح المشير السيسى ربما يعود صمت المشير لطبيعة شخصيته الهادئة ليتأمل بعمق أكبر مجريات المشهد السياسى المرتبك فى البلاد، ويعيد حساباته التى لن تحتمل الخطأ فيما لو قرر الدخول فى معترك الترشح للرئاسة، حتى لا يخذل شعبه الذى راهن عليه وعقد الآمال والأحلام العريضة عليه لانتشاله من المصير المجهول الذى يحيط به.
إن أمام المشير السيسى العديد من التحديات يتوجها الكره الأمريكى لفكرة وجوده على رأس السلطة، لأن ذلك يعنى أنها ستواجه عبدالناصر جديد فى المنطقة الذى تجرأ وقال لها "لا" بالاضافة إلى مؤامرات التنظيم الدولى للإخوان وقطر وتركيا لهدم المعبد على من فيه وأذرعهم المنتشرة فى البلاد، فهو من أفشل مخططاتهم، وحطم حلمهم فى التمكين والأخونة، ولا نغفل الكارهين للجيش تحت ادعاء حكم العسكر الذى يعيد المشهد إلى ما قبل 25 يناير وكأن شيئا لم يكن.