من الذى نفذ التفجير الإرهابى ضد مديرية أمن القاهرة صباح الجمعة الماضى؟!.
ليس المقصود بالسؤال الشخص الذى قاد السيارة الربع النقل البيضاء ذات الكابينة المزدوجة أو الشخص الذى نقله فى السيارة السوداء أو حتى الشخص الذى ضغط على «الريموت كنترول».
كل هؤلاء مجرد أدوات بعضها قد يكون مضللا أو مغررا به أو وقع فى حبائل التطرف وصدقه، أو حتى شخص ينفذ مهمة محددة مقابل مبلغ مالى.
المقصود بالسؤال هو الجهة النهائية التى اتخذت قرار العملية، وليس حتى الجهة الوسيطة. يحدث أحيانا أن منظمة تنفذ عملية إرهابية لمصلحة منظمة أخرى فى إطار الإيمان بذات المبادئ أو تبادل المصالح أو كمقاولة.
لا اعرف بالطبع الجهة التى نفذت، فهذا عمل جهات التحقيق، وينبغى أن يتم الوصول إلى الفاعل الحقيقى فى إطار القانون، لكن نحن نحاول البحث عن الفاعل فى إطار السياسة، عبر نظرية «ابحث عن المستفيد».
تعالوا ننقب عن حكاية أنصار بيت المقدس وسنكتشف أنها ــ وبغض النظر عن توقيت نشأتها ــ ظلت خاملة تماما أثناء وجود حكم جماعة الإخوان ومحمد مرسى فى الحكم. وحتى عملية قتل جنود الجيش فى معسكر رفح فى أغسطس 2012، تبنتها منظمة «اكناف بيت المقدس» وصبت عمليا فى صالح الاخوان لانها مكنت مرسى من إقالة طنطاوى وعنان.
باستثناء هذه العملية فإن الإرهاب توقف تماما طوال عام مرسى، ولم يتم استئنافه إلا بعد عزله بأقل من 24 ساعة، حينما قام إرهابيون بمهاجمة مطار العريش وسائر المواقع الحكومية فى شمال سيناء.
حركة حماس تقول لنا إنها غير مسئولة عن جماعة أنصار بيت المقدس وغيرها من الحركات المتطرفة فى غزة، وعلى أرض الواقع فإن هذه المنظمات تمارس إرهابا ممنهجا ضد الدولة المصرية، ثم تهرب عبر الانفاق لتتخذ من قطاع غزة ملاذا آمنا ثم تعاود الكرة مرة أخرى.
حماس ــ وهى جماعة إخوانية ــ تقول إن إغلاق الأنفاق يحاصر القطاع ويجوع أهله، لكنها فى نفس الوقت لا تمنع أو تقاوم المسلحين الذين ينفذون أعمالا إرهابية انطلاقا من الأراضى التى تسيطر عليها.
السؤال البسيط هو: كيف تظل مصر هادئة طوال فترة حكم الإخوان، ثم فجأة تخرج علينا عشرات المنظمات لتعلن مسئوليتها عن العنف والإرهاب؟.
علينا ألا ننشغل بأسماء هذه المنظمات وهل هى حقيقية أم «مضروبة»؟.
القراءة السياسية الهادئة تقول لنا إن النتيجة الختامية لهذه الأعمال الإرهابية لا تستهدف سوى شىء واحد هو إعادة الإخوان إلى حكم مصر ومحاربة حكومة ونظام 30 يونيو.
جماعة الإخوان ومنذ خروجها من الحكم وحتى أمس لا تريد الاعتراف باخطائها وتتوعد بانهاك واسقاط أجهزة الأمن.
التفجيرات التى تتم الان هى أفضل مساعدة يمكن تقديمها للجماعة فى هدفها النهائى للسيطرة على مصر.
وبالتالى فان كل البيانات التى تصدرها الجماعة للتنديد بأعمال العنف والإرهاب قد تكون موجهة للخارج، لكن لا قيمة لها على أرض الواقع. لا يمكن أن تنتقد شيئا بالبيانات الإنشائية ثم تستفيد منه على أرض الواقع.
المواطن المصرى يدرك هذه الحقائق، لكن جماعة الإخوان تعتقد أنها قادرة على خداع الجميع. قد تكون التفجيرات الأخيرة تعطى الجماعة بصيص أمل لعرقلة خريطة الطريق، لكنها لا تدرك أنها خسرت كل ما كان لها من رصيد عند بسطاء المصريين.