علاقة الولايات المتحدة المتميزة مع إسرائيل لا تمنحها حق
الإطلاع على كل الأسرار الإسرائيلية، فهناك ما لا يمكن لواشنطن معرفته خاصة
إذا تعلق الأمر بالهجوم الإسرائيلي المحتمل على إيران.
بينما لا يعرف أحد في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ما إن كانت
إسرائيل ستقوم بضرب المفاعل النووي الإيراني أم لا، فإن مخططي الحرب في
الولايات المتحدة بدأوا يتحضرون لمجموعة كبيرة من الخيارات العسكرية
الإسرائيلية المحتملة ويحاولون في الوقت ذاته الحد من فرص جر الولايات
المتحدة في صراع دموي في منطقة الخليج.
وأوردت في هذا السياق مجلة فورين بوليسي الأميركية عن أحد مخططي الحرب
الكبار في البنتاغون قوله " إن تعاون الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية
بخصوص إيران يعتبر تعاوناً استثنائياً وغير مسبوق. لكن حين يتعلق الأمر
بمهاجمة إيران فعلياً، فإن ما لا تخبرنا به إسرائيل هو ما تخطط للقيام به
ولا تخبرنا كذلك بالطريقة التي تخطط من خلالها لتحقيق هدفها. فهذا هو سرهم
الذي يخضع لحراسة مشددة".
وقال أحد الموظفين المدنيين الكبار في البنتاغون إن إسرائيل ترفض
تقاسم خططها رغم طلب ذلك بشكل متكرر من جانب وزير الدفاع الأميركي ليون
بانيتا.
وقالت المجلة إن ذلك أسفر عن التزام كبار مخططي الحرب في البنتاغون
بـ "غض الطرف" عند تحديد ما قد تفعله إسرائيل، والتحديات التي ستمثلها
أفعالها بالنسبة إلى الجيش الأميركي.
ووفقاً للعديد من المصادر الاستخباراتية المدنية والعسكرية الأميركية
رفيعة المستوى، فإن مخططي الحرب في البنتاغون والقيادة المركزية الأميركية
قد خلصوا إلى أن هناك ما لا يقل عن ثلاثة خيارات هجومية إسرائيلية محتملة،
بما في ذلك عمليات خاصة جريئة وبالغة الخطورة تستهدف منشأة إيران النووية
في منطقة فوردو – وهو الخيار الذي يعرف بـ "عنتيبي إيران" – بعد إنقاذ فريق
كوماندو إسرائيلي عام 1976 لمجموعة من الرهائن الإسرائيليين الذين كانوا
محتجزين في أوغندا.
وبموجب ذلك السيناريو، ستقوم قوات الكوماندو الإسرائيلية بمداهمة
المبنى، الذي يوجد فيه العديد من أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، وكذلك
بإزالة أكبر قدر يجدونه أو يستطيعون حمله من اليورانيوم المخصب، وبزرع
متفجرات لتدمير المنشأة بعد خروجها.
وكشفت المجلة عن أن فريقاً يطلق عليه سينتكوم، ويشرف على الأصول
العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط، قد حصل على الدور القيادي من جانب
الولايات المتحدة لدراسة الهجوم الإسرائيلي المحتمل. ومضت المجلة تقول إن
التحليل العسكري لخطط إسرائيل الحربية يتم بشكل منفصل عن الجدل المثار حول
إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تحذير واشنطن لطهران بـ
"خط أحمر"، إذا تجاوزته من خلال برنامجها النووي، فإن ذلك سيؤدي إلى هجوم
عسكري أميركي.
وعاود هنا مخطط الحرب البارز في البنتاغون ليقول " هذه مسألة سياسية
وليست مسألة حربية. كما أن هذا ليس أمرنا. ونحن نعتقد أن الهجوم الإسرائيلي
قد يحدث في أي وقت".
وأعقبت المجلة بقولها إنه من غير الواضح كذلك ما إن كان بمقدور
إسرائيل شن هجوم ناجح أم لا، لافتةً إلى أن الشيء الواضح الآن هو أن الجيش
الأميركي ليس لديه أي مصلحة الآن في منع الهجوم. وقال جو هور القائد السابق
بفريق سينتكوم :" فكرة أن نهاجم مع إسرائيل فكرة مستبعدة، لذا يمكنك
استبعاد ذلك من قائمة اختياراتك".
ثم لفتت المجلة إلى اتفاق أوباما والجيش الأميركي في عدة نقاط بخصوص
الملف النووي الإيراني منها عدم رغبتهما في تملك طهران أسلحة نووية وعدم
رغبتهما بدء إسرائيل في شن حرب عليها وعدم اعتقادهما أن الهجوم الإسرائيلي
لابد وأن يثير تدخل من جانب الولايات المتحدة بصورة أوتوماتيكية. لكن إن
كان سيبتعد أوباما وجيشه عن الخطط الإسرائيلية، فإنهما سيكونان بحاجة أولاً
لمعرفة طبيعة تلك الخطط.
وكشفت ثلاثة مصادر استخباراتية وعسكرية أميركية رفيعة المستوى عن أن
فريق سينتكوم قد نجح في تحديد ثلاثة خيارات يمكن أن تلجأ إسرائيل لأي منها
حال قررت أن تتخذ إجراءات عسكرية وقائية ضد إيران. الخيار الأول والأكثر
توقعاً هو قيام سلاح الجو الإسرائيلي بقصف عنيف ضد مواقع نووية إيرانية
رئيسة. والخيار الثاني هو الذي سيستغني فيه الإسرائيليون عن شن هجوم جوي
حاشد وسيستعينون فيه بدلاً من ذلك بفريق كوماندو يتحمل المخاطر العالية
للهبوط خارج منشأة تخصيب اليورانيوم الإيرانية في فوردو بالقرب من قم. وهو
الفريق الذي يتكون من حوالي 400 جندي وسيكلف بضبط اليورانيوم المخصب لنقله
إلى إسرائيل.
أما الخيار الثالث فربما يكون أكثرهم خطورة وهو المتعلق بقطع رأس
النظام. وقال هنا مخطط الحرب البارز في البنتاغون :" بمقدور الإسرائيليين
أن يشنوا هجومهم على القيادة الإيرانية. لكنهم سيفعلون ذلك فقط كجزء من
هجوم جوي أو غارة لقوات الكوماندو".
وأضاف هذا المخطط البارز " ستكون ردة فعل الجيش الأميركي على الهجوم
الإيراني على حسب الأحوال. فإذا حاول الإيرانيون الإضرار بنا، فسيكون
بمقدورنا التعامل مع الأمر، لكن إن طاردوا إحدى سفننا الرئيسة، فستلغى
حينها كل الرهانات".