وطلب منهم رئيس المحكمة الهدوء حتى يتمكن من نظر القضية، فردّ عليه «البلتاجى»، قائلا: «بنقولك باطل إزاى تستكمل القضية»، فطلب رئيس المحكمة من المتهمين الهدوء، لكنهم ظلوا يهتفون: «يسقط يسقط حكم العسكر»، و«يسقط كل كلاب العسكر»، فقام القاضى برفع الجلسة لمدة نصف ساعة.. ثم عاد ليتنحى!!.
هذه ثانى دائرة «يبلطج» عليها البلتاجى، الشهير بـ«البلطاجى»، ويدفعها دفعًا إلى التنحى استشعارًا للحرج. «البلطاجى» استمرأ البلطجة أمام المحاكم، وكل دائرة يقف أمامها «يبلطج» عليها، المحاكم تتنحى تباعًا، ثالث دائرة تتنحى، لو استمر مسلسل التنحى لن نجد قاضيًا واحدًا يوحد ربنا يقضى بين هؤلاء بالحق، عفوًا هل صرنا بحاجة إلى قضاة أجانب؟!!
خطة «البلطاجى» مفضوحة، «بلطج» على المحكمة، «هلفط» بكلام غير مفهوم، قليلا من الهياج، تشويش على المدعى العام.. باطل باطل، مواجهة المحكمة بالهتاف الشهير «يسقط يسقط كل قضاء ونيابة العسكر»، ثم الإشارة بعلامة رابعة أمام العدسات، تستشعر المحكمة الحرج، تتنحى وبالسلامة يا قلبى، وكل يوم من ده.
ماذا ينتظر قاضٍ بعد سماعه هتاف: «يسقط يسقط كل قضاء ونيابة العسكر»، أيتنحى استشعارًا للحرج؟ أى حرج فى أن يخرس هذا اللسان الطويل بالقانون، إهانة المحكمة عقوبتها ماثلة فى نص المادة (133) «إذا وقعت الإهانة على محكمة قضائية أو على أحد أعضائها، أثناء انعقاد الجلسة، تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه»، احبسوا «البلطاجى» سنة يتربى، ويعرف إن الله حق، ويقول حقى برقبتى.
من ذا الذى يستشعر الحرج يا سادة يا قضاة؟.. هل هو معين من العسكر لمحاكمة الإخوان، وهل يمارس عدالته بقانون العسكر، هل من سجن فتيات «7 الصبح» سجنهن بأوامر العسكر، وهل من برأهن وأحضر لهن «فيشار» كان ينفذ تعليمات العسكر؟.. والله نحن الذين نستشعر حرجًا من العدالة، ولكن توالى الحرج لا يقيم عدلا، الرضوخ للبلطجة ليس من شيم العدالة، «الباب اللى يجى لك منه الريح سده واستريح»، لا يستقيم مع كون العدالة عمياء لا ترى إخوانا ترى عدلا.
فارق كبير بين استشعار الحرج واستشعار الخوف، والله هذا «البلطاجى» لو نار ما يحرق تحت مقعدته، اقطعوا لسانه ولسان مرشده، لا تخشوهم، هم سيعمدون إلى إحراج القضاة أكثر، وأكثر من ذلك، من سيتصدى لبلطجتهم من القضاة فى قاعات المحاكم سيقطعون عليه الطريق أمام البيت، كما حدث مع قاضى «7 الصبح»، ولو طالوه لاغتالوه، فعلوها قبلا، اغتالوا القاضى الخازندار وهو يحمل أوراق قضية «تفجيرات سينما مترو» فى 22 مارس 1948.. استشعار الحرج لا يمنع قدراً.